المعركة على سورية
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- منذ قررت واشنطن وتل أبيب إطلاق الحرب على سورية ونجحت خطة اجتذاب حلفاء عرب و إقليميين لخوضها بأوهام السلطنة وتعويض خسارة العراق، ونجحت خطة تجنيد التنظيمات الإرهابية لجعلها حربها بوهم تكرار تجربة أفغانستان، والعقل الجمعي الذي يدير حروب المنطقة في واشنطن وتل أبيب بمعزل عن تغير الحكومات في الكيان والإدارات الأميركية، يدرك أن أمن الكيان يحفظ ويخسر في سورية، وأن النفوذ الأميركي يتحقق ويفشل من سورية.
- وصلت الحرب على سورية إلى نقطة استعصاء اللاعودة، والرهان على ربح هذه الحرب بات استحالة وفوق طاقة كل الذين خاضوا غمارها، حتى الرهان على تقاسم سورية فوق طاقتهم، لكن بمستطاعهم كما هو الحال منذ سنوات مواصلة الضغط في سورية وعلى سورية ومنع تعافيها، وحرمانها من استعادة قوتها وحضورها وسيادتها الكاملة، وبالتالي دورها الإقليمي.
- جاء طوفان الأقصى والحرب التي شنتها تل أبيب وواشنطن معا لإسقاط المقاومة في غزة وتطويع قوى المقاومة في المنطقة، والوضع في سورية في هذه المنطقة الوسط، استحالة إسقاط سورية، وامتلاك أوراق ضغط وقوة لازعاج سورية واستنزافها ومنع تعافيها، وفيما تقدمت قوى المقاومة على كل الجبهات وفرضت استعصاء موازيا على كيان الاحتلال، دون وهم بحرب تحرير شاملة أو حرب إسقاط الكيان، أو ربح بالضربة القاضية، شبيه بالوهم الاميركي الاسرائيلي بإسقاط سورية، نجحت قوى المقاومة برسم سقف لدور سورية في هذه الحرب لا يتيح تحويلها إلى خاصرة رخوة، وصار على واشنطن وتل أبيب القبول بحل في غزة يحقق شروط المقاومة هناك للحصول على جواز عبور السفن من البحر الأحمر نحو موانئ الاحتلال، وجواز عبور للمستوطنين المهجرين للعودة إلى مستوطنات شمال فلسطين، فيما تستمر المعركة المفتوحة من قوى المقاومة لإخراج قوات الاحتلال الاميركي من سورية والعراق.
- الأكيد أن قوى المقاومة لا تربط بين التوصل إلى اتفاق حول غزة، وبين انسحاب قوات الاحتلال من سوريا والعراق، لكن القراءة الأميركية الاسرائيلية تقول ان قوى المقاومة الخارجة من حرب الطوفان بفائض قوة مادي ومعنوي لن تتأخر حتى تصرف كل ذلك لتسريع معركة حسم امر الاحتلال الأميركي في سورية والعراق، ومحوره سورية كما قال الأميركيون للحكومة العراقية، وأن الانسحاب الآن أو لاحقا من سوريا والعراق سيخلق ديناميكيات جديدة في المنطقة، تنفتح فيها الحدود بين دول محور المقاومة، وتتغير معه البيئة الجيواستراتيجية المحيطة بالأردن، وبالتالي فان خطر هذا التحول على أمن الكيان أكبر من خطر أي اتفاق ينهي الحرب في غزة بشروط المقاومة.
- جاء الأميركي والاسرائيلي الى هذه الجولة بخطة، تناهت الى مسامع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعض خيوطها وخطوها فتحدث عنها قبل أن تنطلق الخطوة الأولى فيها بمجزرة مجل شمس بحق فتيتها واتهام المقاومة بقتلهم لتبرير الاندفاع في الاعتداءات بداعي الرد الذي سمته واشنطن بلا تردد بالدفاع عن النفس، والمعادلة هي اعطونا صك شرعية للاحتلال نفرج عن اتفاق غزة، ولذلك صار بوتين هنا!
2024-08-09 | عدد القراءات 97