يتحدثون عن فرصة اتفاق؟
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- يتحدث البيان الأميركي الذي وقعه الرئيس جو بايدن وطلب من أمير قطر والرئيس المصري توقيعه معه، عن فرصة لاتفاق حول حرب غزة، يقول الأميركيون أنه يوقف إطلاق النار ويحرر الرهائن، ولا يقولون يوقف الحرب نهائيا ويضمن تبادل الأسرى، والتوصيف هو توصيف حكومة نتنياهو تتبناه وتردده ادارة بايدن ولا يستطيع الشركاء العرب في نادي الوسطاء تعديله، وإذا تجاوزنا الدلالات الهامة لهذا التوصيف حول النظرة الأميركية للاتفاق وحجم ضحالة الشراكة العربية في نادي الوسطاء، يمكن السؤال عن جدية الفرصة؟
- الذي يقولون بالفرصة من الأميركيين يقدمون سردية تقول ان واشنطن منحت بنيامين نتنياهو صورة انتصار بعد هزيمة الطوفان وفشل حرب غزة وتعقيدات الفشل في كسر جبهات الإسناد اللبنانية واليمنية وما ترتب عليها من معضلات كبرى للكيان، وصورة النصر الآتية من مهاجمة عاصمتين مهمتين هما بيروت وطهران كانتا خطوطا حمراء، وقتل فيهما قادة كبار كان كل منهما خط أحمر، وأن الحشود الأميركية لحماية الكيان من الردود المرتقبة من ايران والمقاومة، تمنح واشنطن فرصة طلب الثمن في ظل صورة النصر التي أتيحت لنتنياهو، والثمن هو اتفاق غزة.
- نتنياهو لم يعلن القبول بالاتفاق الذي قال البيان الأميركي المرفق بتوقيعين عربيين، انه جاهز ولا ينقصه الا آليات التنفيذ التي يجب التفاوض عليها، فقال بيانه أنه سيرسل وفدا تفاوضيا للتفاوض على بنود الاتفاق وإطاره وليس فقط على آليات التنفيذ، ما يعني أن لا شيء يضمن أن التفاوض محكوم سلفا بالتوصل الى اتفاق، وان احتمالات أن يلقى مصير جولات التفاوض السابقة من فشل هو احتمال قائم.
- ينظر نتنياهو الى كل مشروع اتفاق بعين الحرص على بقاء حكومته متماسكة وهذا رهن بموقف حلفائه الذين يوصفون بالمتطرفين، وكأن نتنياهو معتدل، وإذا كان مشروع واشنطن للاتفاق مبنيا على شروط نتنياهو، وليس نسخة عن العرض السابق الذي قبلته حماس مع تعديلات لفظية وشكلية، فما هي الحال على ضفة المقاومة؟
- في حماس قيادة جديدة يمثلها رئيسها يحيى السنوار الذي يخلف سلفه اسماعيل هنية الذي سقط شهيدا بعملية اغتيال في طهران، ويعلم السنوار أن أحد أهداف التفاوض اجهاض الرد الايراني ورد قوى المقاومة على عملية الاغتيال، وأن التفاوض بعد الرد يختلف من وجهة نظر موازين القوى عن التفاوض قبل الرد او التفاوض لإجهاض الرد، كما يعرف أن نتنياهو المتباهي بعملياته الأخيرة لن يكون أكثر استعدادا لقبول شروط المقاومة مما كان عليه قبل هذه العمليات، وأن الحشود الأميركية تزيد شهية نتنياهو على تحسين وضعه التفاوضي، والدعوة للمفاوضات لإجهاض الرد تزيد شهيته أكثر، وبالتالي لا شيء يقول بأن هناك تغيير سوف يؤدي الى نتيجة، الا شراء الوقت وإجهاض الرد.
- ليس لدى المقاومة في غزة ما تفاوض عليه بعد موافقتها على العرض السابق في بنود و إطار الاتفاق، فإذا أراد الوسطاء التفاوض مع ممثلي نتنياهو على البنود والإطار فليفعلوا وعندما يصلون الى التفاهم معه ويصبح التفاوض كما قال البيان حول آليات التنفيذ، يمكن للمقاومة أن تشارك.
- قد تقبل المقاومة المشاركة لكنها سوف تضع ضوابط زمنية وطلبات تتصل بوقف القتل والتدمير وإدخال المساعدات خلال التفاوض، وبعد نهاية المهلة إذا لم تحقق المفاوضات نتيجة فلن تستمر بتأمين الغطاء لشراء الوقت لنتنياهو، لمزيد من القتل، وإذا لم تقف المجازر ولم تدخل المساعدات فلا حاجة للتفاوض، واذا كان الأميركي يريد تحويل المفاوضات الى منصة لمنح نتنياهو جوائز على عمليات الاغتيال مستقويا بالحشود الأميركية، فالمقاومة تجد مكانها الطبيعي الى جانب شعبها وحلفائها في ساحات المواجهة وليس على طاولة التفاوض، حتى يدرك الأميركي والإسرائيلي أن موازين القوى ليست في صالحهم وأن عليهم المجيء إلى اتفاق يلبي شروط المقاومة.
2024-08-10 | عدد القراءات 128