التعليق السياسي 23/8/2024

العراق والجزائر وكهرباء لبنان

التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل

- كان شراء الوقود لكهرباء لبنان هو الثقب الأسود الدائم في عجز الموازنة قبل وبعد أزمة 17 تشرين الأول عام 2019، وكانت الحكومات المتعاقبة ومجلس النواب معها يتفادون ربط التعرفة بخطة جباية حقيقية وتسعير واقعي يعادل التكلفة الحقيقية للكهرباء مع شراء الوقود بالعملة الصعبة.

- السبب كان معلوما وهو التهرب من مواجهة الشعب بالحقيقة، لأن الشعب يطالب بوقف مزاريب الهدر والفساد، قبل مطالبته بدفع ثمن الكهرباء، تماما كما فعل حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، باع اللبنانيين من ودائعهم وهم سعر مستقر لصرف الليرة وقدرة شرائية مرتفعة لدخل كل منهم ليقوم بشراء سيارة بالتقسيط وتوظيف خادمة منزلية والسفر للسياحة في السنة مرة أو أكثر، قبل أن يستفيق ذات يوم ويكتشف أنه كان ينفق ودائعه دون علمه لأن تغطية سعر الصرف المنخفض للدولار كانت تتم بواسطة هذه الودائع، وهكذا في الكهرباء استفاق اللبنانيون يوما واكتشفوا ان عليهم ان يدفعوا لاصحاب المولدات أضعاف ما كانوا سوف يدفعونه لكهرباء لبنان لو طبقت تعرفة تعادل التكلفة.

- وقعت الواقعة على رؤوس اللبنانيين في كل اتجاه، حتى عندما انهار سعر الصرف نجح أصحاب النفوذ بتفادي تأثيراته فهربوا بأموالهم بينما منع سائر اللبنانيين من الصول الى ودائعهم، وعندما عدلت كهرباء لبنان التعرفة فعلت ذلك بصورة عشوائية ولم ترتبط بخطة تضمن الاستغناء عن المولدات، واليوم يدفع اللبناني اشتراك المولد وفاتورة كهرباء مرتفعة لمؤسسة كهرباء لبنان يشكل مجموع ما يدفعه رقما أعلى مما كان يدفعه لصاحب المولد قبل تعديل تعرفة كهرباء لبنان.

- هذا كشف حساب منفصل يقع بين اللبنانيين ودولتهم، لكن اللبنانيين ودولتهم يجب أن يعترفوا بجميل حكومة العراق وتقدمها نيابة عن كل العرب لمد يد العون للبنان، والكل يعلم أن صيغة تبادل النفط بالخدمات كانت تضحية عراقية مع لبنان، وأنه مرارا كان العراق يجدد ويوسع حجم الاتفاق وفقا للحاجة اللبنانية وهو لا يملك الا وعود التسديد، وحتى عندما نجح لبنان بتسديد بعض الفواتير بقي بعضها معلقا، ولم يعلق العراق شحناته.

- قبل أيام دخل لبنان محنة العتمة بسبب سوء ادارة وربما فساد، والله أعلم، لكن ذلك شيء والحاجة للخروج من المحنة شيء آخر، وفي هذه اللحظة الحرجة بادرت الجزائر بتوجيه من رئيسها عبد المجيد تبون إلى اتخاذ موقف يعبر عن النخوة والشهامة، وأرسلت سفينة محملة بالوقود هبة دون مقابل ودون قيد او شرط، ومن واجب كل لبناني أن يقول شكرا للجزائر ورئيسها، فالخطوة تستحق، كما شكر العراق مستحق.

 

2024-08-23 | عدد القراءات 89