أظهر العام الماضي أن المعادلات التي ستتحكم بالحرب في سوريا وبالتالي بالحل ، تتأسس على خروج أميركي خجول من قرار الحرب ، وإرتباك في جلب حلفاء واشنطن لصيغ التفاهمات ، وخصوصا السعودية وتركيا وإسرائيل .
كان واضحا أن السعودية التي خسرت احصنة رهانها العسكرية في سوريا وشعرت بإهتزاز كيانها السياسي في ضوء الثورة العاصفة في اليمن التي غيرت معادلات الخليج ، وأزمة البحرين ، صارت خارج الصورة ، وباتت تختبئ وراء مصر لدور سياسي خجول ومرتبك لكنها لم تعد في الضوء كقوة قيادية للحرب ، خصوصا بعد تسليم راية الإئتلاف لرجل المخابرات التركية خالد الخوجة .
بقي الثنائي التركي الإسرائيلي هو قوة الدفع للحرب ، وما كان لأحد أن يتخيل بقدر من التفكير والإنتباه ، أن يصير حل يعيد العافية لسوريا وأن تقف إسرائيل متفرجة ، ولآ أن تسلم تركيا بسقوط نهائي لمشروع السلطنة الأخوانية أو العثمانية ، وتراجعت كل أشكال التشكيلات المسلحة المقاتلة ضد الجيش السوري لحساب النصرة وداعش الموجودين في الحضن التركي والإسرائيلي علنا .
الحل في سوريا متسحيل سياسيا ، و بالتالي عسكريا ، لا بد من تصفية داعش والنصرة ليستقيم الأمن مجددا ، وسياسيا لا بد من صيغة ومخرج يؤمنان للغرب ومن ورائه جماعة أميركا من العرب للإعتراف بالنصرالسوري بطريقة لا تبدو هزيمة كاملة ، طريقة تسمح بالعودة للعلاقات على قاعدة أن الحل السياسي يبرر هذه العودة .
الحسم العسكري يعني ضمنا وضع تركيا وإسرائيل خارج دائرة الحرب ، وكانت تطورات الحرب في العراق من جهة والحسم في عين العرب من جهة مقابلة ، المدخل لإبلاغ تركيا ان اللعبة شارفت على النهاية ، وأن داعش حصان خاسر ، وأن عليها الدخول مباشرة على خط الحرب لتعديل الموازين ، فإنكفأت تركيا وتجرعت هزيمة داعش في عين العرب والعراق وهي تتمتم على مضض ، ورهانها أن التعديل ستتولاه كما كل مرة إسرائيل التي يستحيل أن تترك أمنها أمام تحد عنوانه حلف سوريا والعراق وإيران ، حلف له رأس حربة مسنن وفعال يمثله حزب الله .
صار التزامن بين مثلث عين العرب ومزارع شبعا وموسكو ،تعبيرا عن معادلة سوريا الجديدة وروزانمة الحل فيها للعام الذي سيكتب سلمها وعودة الأمان لها ، وفقا لمعادلة ، الحسم مع داعش متواصل وتركيا أجبن من أن تتدخل ، و العمل السياسي في موسكو مستمر وسيستمر لبناء مرجعية معارضة بديلة للإئتلاف تشترك في حوار تحت قاعدة التسليم بشرعية الرئيس الأسد لحل سياسي عنوانه توسيع قاعدة الحرب على الإرهاب من جهة ، والتهيئة لإنتخابات برلمانية خلال عام من جهة أخرى بمعايير تضمن الرضا الداخلي والخارجي عن نتائجها .
الرأس الأهم في المثلث ، هو ما قالته عملية مزارع شبعا ، ومن بعدها خطاب سيد المقاومة ، إسرائيل أعجز من الدخول في حرب ، رغم الصراخ والتهديد ، فعند الإمتحان يكرم المرء أو يهان ، وقد تمرغ انفها بالوحل ، و النصرة تلعب في الجولان دور جيش لحد ما قبل تحرير جنوب لبنان ، وستلقى ذات مصيره ، وجبهة الجولان لن تغلق حتى يتحرر الجولان من الإحتلال ، وتفرض المقاومة على إسرائيل معادلة التحرير في جنوب لبنان .
العام 2015 ، حرب على داعش وحوارات في موسكو ، لكنه عام تفكيك جبهة النصرة في الجولان ، ووضع إسرائيل بين خياري الإنسحاب أو ملاقاة حرب إستنزاف لا تتقبلها ، أو الذهاب لحرب لا تتحملها .
2015-01-31 | عدد القراءات 3183