لبنان الرائع يستحق الافتخار
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- النار التي تستخدم في فرز المعادن إلى مكوناتها الأصلية هي ذاتها النار التي تصهر المعادن من ذات المكون إذا كانت بأحجام وأشكال متباينة، وربما كان اللبنانيون بحاجة إلى اختبار التعرض للنار التي عصفت ببلادهم مع هذا الاستهداف الدموي ليكشفوا ما إذا كانت سوف تصح الرهانات على تفرقهم حتى خطر الاقتتال اذا شن الاحتلال عليهم حربا، أم أن هذه النار سوف تظهرهم في مشهد مهيب يليق بانتمائهم الوطني؟
- ما جرى مع استهدف بنية وبيئة حزب الله خلال هذه الأيام وما رافقه من مواقف في جميع الأوساط الحزبية الكبرى و السياسية الفاعلة، قال إن ما بين اللبنانيين من تباينات تتصل بالموقف من المقاومة وسلاحها ودورها وأدائها، لم يتحول الى تموضع عدائي في لحظة الاستهداف القاسية، بل تحول الى تضامن إنساني ووطني رغم الحفاظ على مسافة الاختلاف، عند الأشد خصومة وافتراقا كما هو حال القوات اللبنانية، بينما اقترب الآخرون بمواقفهم إلى الحد الأقصى من الوقوف في خندق المقاومة كما فعل الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
- هذا المشهد الوطني والسياسي يستحق التوقف أمامه وصياغة خطاب مختلف غير انفعالي تجاه الخصومة والاختلاف في الملفات الداخلية مثل ملف الرئاسة ومراعاة الخصوصيات الحزبية والطائفية في مقاربة التاريخ الشائك بين اللبنانيين حول قضايا الخلاف وتجاوزها وتجاهلها ما امكن، لان اثارتها مجرد نكأ غير موفق للجراح.
- لبنان الرائع ايضا ظهر في الجسم الطبي والمستشفيات، حيث لم تتأخر مستشفى عن نداء الواجب، والمستشفيات كما قال وزير الصحة فراس البيض لم تتلق بعد مستحقاتها عن وقفتها المشرفة عام 2020 عندما انفجر مرفأ بيروت، والجسم الطبي الرائع بكل مكوناته أطباء وممرضين وممرضات كان مثلا عاليا لروح المسؤولية والتصدي للواجب، أما وزير الصحة فيستحق التنويه والشكر لكل طريقته في إدارة الملف الصحي.
- المشهد المبهر للبنان الرائع كان على الحدود حيث لملمت المقاومة أشلاء شهدائها وجرحاها، ونهضت كطائر الفينيق من الرماد لتقاتل بصورة تثير الذهول، فالجسم الذي خرج من الخدمة فيه الآلاف من مواقعهم، بدا كأنه يدخل الحرب في يومها الأول بكامل قوته وعافيته.
- هذا لبنان الذي نتمنى ألا يزول عندما تضع الحرب أوزارها، وقد اشعرتنا هذه العناوين في حاضره الراهن بالفخر والعظمة، ولو بقيت أصوات نشاز تعزف لحن ما بتشبهونا، بينما اللبنانيون جميعا على قلب رجل واحد.
2024-09-21 | عدد القراءات 61