الانفتاح نحو الداخل والخارج…وصمود المقاومة
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- كاد البعض يذهب بجمهور المقاومة نحو اللغة العدائية للجيش اللبناني مع تعميم خبر عن انسحاب الجيش من مواقعه على الحدود، تبين لاحقا أنه خبر مدسوس مبني على إعادة تموضع الجيش تضمن مواقع تتناسب مع حالة الحرب بعكس المواقع التي كانت تتناسب مع مهمة حفظ الأمن، وجاءت أنباء استشهاد واصابة جنود من الجيش اللبناني في الجنوب لتؤكد الموقف الوطني وموقع الشريك للمقاومة بدفع ضريبة الدم التي تمثل خيارات ثابتة للجيش وقيادته وقد شهدنا مثلها خلال حرب تموز 2006.
- بالتوازي تهدف بعض التعليقات والتحليلات التي تتناول مواقف الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي، وصولا الى موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، صناعة مناخ من الشكوك والظنون حول درجة التماسك في الجبهة الداخلية بما يتناسب مع المعركة التي تخوضها المقاومة على الجبهات الأمامية، ويبنى على الكلام الصادر عن الاجتماع الثلاثي الذي ضم بري وميقاتي وزعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، سواء حول الاستحقاق الرئاسي أو حول وقف النار والقرار 1701، استنتاجات تضع هذا الحراك السياسي في دائرة التخلي عن ثوابت تحتاج المقاومة الى التمسك بها.
- في حرب تموز كان الرئيس بري يدير المعركة السياسية والدبلوماسية بالتنسيق مع السيد حسن نصرالله، ضمن تقاسم أدوار لم تكشف تفاصيله إلا بعد نهاية الحرب بسنوات، الى درجة ان البعض وضع موافقة الرئيس بري على نشر الجيش في الجنوب يومها عزفا منفردا من وراء ظهر المقاومة، بينما كان الأمر منسقا بين بري ونصرالله، كبديل عن الفصل السابع وعن منح اليونيفيل صلاحيات التفتيش والملاحقة والردع، وانتهت الحرب وانتصرت المقاومة ونفذ الشق اللبناني من التزامات القرار 1701 على قاعدة امتناع المقاومة عن الظهور المسلح جنوب الليطاني وليس الانسحاب الى جنوب الليطاني كما يحلو للبعض التحدث اليوم.
- الحراك السياسي الراهن يرتبط بعنوانين، الأول دعوة للوحدة في مواجهة العدوان مقابل الاستعداد للمرونة في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، والسؤال هو هل ان استجابة الأطراف اللبنانية التي تتبنى موقفا رئاسيا مخالفا لحلف القوى المساندة للمقاومة لدعوة الوحدة بوجه العدوان تستحق هذه المرونة، بعد نهاية الحرب وإعلان وقف النار، لتكون الرئاسة ترجمة لموازين وطنية حقيقية وليس تحت نار الحرب الاسرائيلية، والجواب الوطني هو نعم بالتأكيد، اما اذا لم تستجب فالمبادرة إعلان نوايا موفق ومدروس.
- العنوان الثاني للحراك السياسي هو الاستعداد لتطبيق التزامات لبنان في القرار 1701 وإعلان الدعوة لوقف النار، دون التذكير بربط ذلك بوقف النار في غزة، بل بلغة تستند الى البيان الفرنسي الأميركي الذي وقعته دول غربية وعربية ورفضته "إسرائيل" ويتضمن تفاوضا لثلاثة أسابيع في ظل وقف النار حول تطبيق القرار 1701 بالنسبة للبنان و القرار 2735 بالنسبة لغزة، وهو موقف أكثر تساهلا من موقف المقاومة الذي يربط عضويا وحدة الساحات، لكنه موقف يضمن مظلة دولية وإقليمية وعربية لدعم لبنان سياسيا و اغاثيا وانسانيا، ويرمي الكرة في الملعب الإسرائيلي، ويحصن موقع المقاومة بالقول طالما لم تأتونا بوقف النار فلا تطالبونا بالحصول سلفا على موافقة المقاومة المسبقة على ذلك، بينما المقاومة اعتدي عليها وقتل قائدها وشرد شعبها.
- في ظل هذا الحراك تهدأ الساحة الداخلية والساحة الدولية والإقليمية لتتفرغ المقاومة إلى المواجهة المشرفة التي تخوضها وتفوز بها على الحدود، وهي تدرك أن السياسة تصنع في الميدان، وأن ما يقوله الميدان وحده سوف يتكفل برسم المشهد السياسي اللاحق، لكن في طريق صناعة مشهد جديد في الميدان تكون المقاومة قد تخففت من ضغوط الداخل والخارج.
2024-10-04 | عدد القراءات 43