نقاط ع الحروف 7/10/2024

سنة طوفان…من يملك سفينة نوح؟

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- مع مرور عام على طوفان الأقصى، دخل العالم كله في طوفان فوائض القوة ورسم الخرائط و المعادلات والتوازنات، وجرى استدعاء آخر مخرجات التكنولوجيا والاستناد إلى أدنى معايير الأخلاق لإستعادة التوازن الذي أفقده الطوفان قبل سنة لكيان زرع في المنطقة قبل قرن ليكون ممثلا أعلى لمصالحه، وسيدا أعلى فوق حكوماتها وشعوبها، وسدا عاليا بوجه أي مشاريع عابرة للحدود تجمع أبناء المنطقة حول مشروع استقلال ونهوض، وعنصر بث للفتن وتشجيع على الحروب الأهلية وتقسيم المقسم واستيلاد اسرائيليات صغيرة تدور في فلكه.

- خلال عام امتدت مياه الطوفان وغمرت بالمتظاهرين شوارع الغرب كله، وأغلقت اعتصامات التضامن مع فلسطين صفوف الجامعات، وأعاد الطوفان صياغة الثقافة العالمية حول الحق والمظلومية بين الكيان والشعب الفلسطيني، وحول معايير التوازن بين القوة والأخلاق بين جيش الاحتلال والمقاومة، وربحت فلسطين، وخلال عام ظهرت إلى الساحة صيغة عربية اسلامية جديدة اسمها محور المقاومة أخذت على عاتقها نصرة فلسطين ومقاومتها وشعبها، فخرج الفقراء ينتصرون للفقراء، وغاب أغنياء العرب وجيوشهم ودولهم العظمى عن المشهد، ونجح المحور الجديد في تكبيد الكيان خسائر إضافية لخسارته الأولى للردع يوم الطوفان، وبات الكيان أمام عقد مستعصية لم يستطع رغم الدعم الأميركي والغربي اللامحدود، بل والشراكة الأميركية والغربية المباشرة، أن يمتلك وصفة لتجاوزها، كانت أهمها عقدة البحر الأحمر وتحدي الردع الميركي فيه، وفرض نوع من الحصار الاقتصادي بفعل ذلك على الكيان، وكانت عقدة الأسرى و استردادهم بالقوة، عقدة بقاء قوة المقاومة قادرة على فرض إيقاعها العسكري في قطاع غزة، وقد تحولت الى عنصر ضغط داخلي في الكيان طلبا لاتفاق يضمن وقف الحرب الفاشلة وإعادة الأسرى، وتوج ذلك كله بما فعلته جبهة لبنان من استفزاز لمزاعم قوة الاحتلال يوميا بإطلاق الصواريخ على شمال فلسطين المحتلة والتسبب بتهجير مستوطنيه.

- تسبب التعثر الذي تسبب فيه الطوفان ومحور المقاومة للكيان، لاعادة صياغة التموضع الأميركي في المنطقة، من ضفة العمل على تجميد الشرق الأوسط للتفرغ لمواجهة روسيا والصين، الى السعي لمنع هزيمة الكيان وتثبيت الحضور في الشرق الأوسط كشرط لمواجهة روسيا والصين، ومع دخول أميركا مباشرة كطرف في الحرب وليس كساند للكيان فقط، واعتبار قوة المقاومة في لبنان القوة المحورية المطلوب اضعافها لتغيير موازين القوى، ورمي الثقل الأمريكي الأمني و الاستخباري والمعلوماتي و السيبراني لتوجيه ضربات قاتلة لهذه المقاومة، استعاد الكيان التقاط انفاسه، وولد توازن جديد، لكن المنطقة تحولت إلى الساحة الرئيسية في صياغة التوازنات الدولية الجديدة التي سوف تحكم العالم، وكان على إيران أن تنتبه لموقعها ودورها على هذا الأساس، خصوصا بعدما أفسحت المجال، بتأجيل ردها على اغتيال القائد الفلسطيني اسماعيل هنية على أراضيها، لمنح الدبلوماسية فرصة التوصل الى اتفاق ينهي الحرب على غزة فجاءها الجواب باغتيال قائد المقاومة في لبنان وحليف إيران الأبرز السيد حسن نصرالله، وجاءت الضربة الايرانية للكيان لتعيد التوازن مرة أخرى بين محور المقاومة والكيان، ومعه أميركا هذه المرة مشريك في الحرب وليس كداعم فقط.

- نهضت المقاومة اللبنانية من رماد الحرائق التي أشعلها الأمريكي و الإسرائيلي، وأثبتت قدرتها على مواصلة إطلاق الصواريخ على الشمال دون توقف وبانتظام، و زادت جرعاتها، رغم كل ما لحق بها من ضربات، ما جعل التحدي البري استحقاقا داهما أمام جيش الاحتلال، بمثل ما فرض عليه الرد الايراني استحقاقا الرد لترميم صورة الردع التي انتهكتها عشرات الصواريخ الايرانية، وصارت المنطقة على عتبة نهاية سنة الطوفان، على موعد مع ساعات وأيام فاصلة متسارعة، لمعرفة كيف سيخرج الأميركي من جيبه ارنبا سياسيا او عسكريا جديدا يمنع به انكشاف الكيان امام هزيمة مدوية، مرة أخرى، قد تكون لها تداعيات وجودية يصعب تفاديها مع تجذر الحرب وايقاعها لسنة كاملة.

- محور المقاومة المنفتح على الحلول الدبلوماسية بشروط المقاومة في غزة، جاهز لمواجهة التحديات العسكرية، والسنة الثانية من الطوفان أمام فرضية أن تكون سنة الحرب الكبرى، أو سنة رضوخ واشنطن وتل أبيب للمعادلات الجديدة، والتموضع عند حدود وتوازناتها، والسؤال مع اتساع مدى الطوفان أفقيا وتلاطم أمواجه عموديا، هو من يملك سفينة نوح للنجاة؟

 

2024-10-07 | عدد القراءات 55