التعليق السياسي 29/10/2024

قمة البريكس ومركز عالمي موازي للناتو

التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل

- لا يجب أن تأخذنا متابعة مسارات الحرب التاريخية الدائرة على أرض بلادنا عن الانتباه إلى أحداث دولية كبرى بحجم انعقاد قمة البريكس في مدينة كازان الروسية وما صدر عنها، وما صدر عن قادتها خلال القمة.

- الواضح أن صياغة بيان القمة تمت بطريقة تريد أن تقول أن هناك مركز عالمي جديد خارج الناتو ومواز له يبصر النور، فلم يترك البيان ملفا دوليا اقتصاديا وتنمويا او بيئيا او امنيا او استراتيجيا او عسكريا او سياسيا لم يخصص له فقرة تتضمن موقفا يعبر عن رأي دول بريكس.

- الواضح ايضا ان تجمع بريكس لا يريد أن يظهر بديلا لحلف وارسو الذي كان حلفا عسكريا في مقابل حلف الناتو، بل هو منزلة بين وارسو ودول عدم الانحياز، حيث الجامع المشترك بين أعضاء بريكس هو التمسك بالاستقلال الوطني للدول، وخصوصا الدول الأعضاء، والاستقلال ليس عن أميركا والغرب فقط، بل عن أي نوع من التبعية بما في ذلك فرضية التماهي بين دول بريكس بما يذيب الخصوصيات الوطنية للدول الأعضاء، ومفهوم الاستقلال هنا يتقدم كقيمة جامعة تأسيسية للتجمع.

- في كل فقرة من فقرات البيان ترد العبارات التي تؤكد أن تجمع بريكس ينطلق من قناعة بأن كل أزمات العالم تعود الى ادارة الظهر للقانون الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة وتعطيلها عن لعب دورها، و مصدر هذا الخلل هو إصرار أطراف دولية على الهيمنة والتفرد واستخدام القوة العسكرية والمالية لفرض سياساتها على الغير، ولذلك فإن الحلول التي يدعمها التجمع تقوم على اعتماد القانون الدولي مقياسا ومرجعا وتفعيل المؤسسات الأممية وتمكينها من القيام بدورها، والدعوة لعالم أكثر توازنا قائم على احترام حقوق الدول وسيادتها واستقلالها، واعتماد الحلول السياسية للأزمات وفقا لنصوص القانون الدولي، وهذا يستدعي خلق موازين قوى دولية يشكل بريكس أحد ركائز السعي لإيجادها.

- من وحي هذه المقاربة يقارب بريكس حروب كيان الاحتلال في المنطقة فيعلن الوقوف مع حقوق الشعب الفلسطيني، ويدعو لوقف الحرب في غزة ولبنان، ويعيد التذكير بالقرارات الدولية التي تؤكد الحقوق الفلسطينية.

- لن يقدم بريكس ما يكفي لفرض مسار معاكس للمسار القائم، خصوصا بالمقارنة مع ما تقدمه اميركا لكيان الاحتلال، لكن التحدي الذي يمثله صعود بريكس عالميا، للتفرد الأميركي وسياسات الهيمنة الأميركية جزء من مشهد دولي جديد لا تستطيع واشنطن تجاهله، ولا يجب على شعوب منطقتنا وقواها الحية تجاهله أيضا.

 

2024-10-29 | عدد القراءات 50