ارتباك الدولة العميقة والذكاء السوري!
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- تعود فكرة الدولة العميقة الى رغبة اصحاب النفوذ الفعلي في صناعة قرارات الدول لعدم تعريض استقرار سياساتها للاهتزاز مع تغير الجانب الظاهر للدولة المحكوم بالتداول، فتتشكل واقعيا منظومة علاقات تتغير ارجحياتها بتغير موازين القوى، بين مراكز القوى الخفية التي تتحكم بالقوة، سواء كانت القوة المالية أو العسكرية او الامنية او الثقافية والاعلامية، ويبقى للصيغ الظاهرة من الدولة ترجمة السياسات التي تصيغ خطوطها العريضة الدولة العميقة بصفتها المصالح العليا للدولة، وتقوم بصياغتها مراكز متخصصة للبحوث والتفكير وتشكل خطة تحرير وعمل في المؤسسات الإعلامية الكبرى.
- التنافس الديمقراطي الجمهوري، وخصوصا تنافس الرئيسين جو بايدن ودونالد ترامب، بقي يحكم المشهد السياسي الأميركي رغم ترشيح نائبة الرئيس كمالا هاريس، وارتبط بالتجاذب بين مشروعين متطرفين للعولمة والمركة، او أميركا العظمى واميركا العظيمة كما يسميها ترامب، وبدت الدولة العميقة التي كانت منحازة كليا الى جانب بايدن تتراجع وينحاز بعضها الى جانب ترامب، قبل فوزه، بينما يذهب الباقي من مكونات الدولة العميقة إلى مفاوضته على مشاريع صفقات بعد الفوز، يضع فيها نكته وبصمته دون أن يمس بالمصالح العليا لمكونات الدولة العميقة، وغالبها يتركز حول مصير الحروب الدائرة في العالم، وخصوصا الحرب مع روسيا والحرب مع محور المقاومة، باعتبار الخصومة مع الصين عامل جمع بين ترامب والدولة العميقة
- موجات التصعيد في الوقت الباقي من عمر ادارة بايدن، يبدو تعبيرا عن قرار لا يلقى معارضة ترامب، فاطلاق الصواريخ على العمق الروسي ومثله الهدوم على حلب، محاور يمكن لها أن تحقق إنجازات للاستثمار عليها في ولاية ترامب، ويمكن لها أن تتحول إلى اوراق تفاوضية بيد ادارته اذا كانت نتائجها محدودة، فتكون الستين يوما من اتفاق وقف النار في لبنان، بمثابة مهلة لبلورة مسارات كل الحروب بما فيها غزة وسورية وأوكرانيا وليس لبنان فقط.
- يمكن لما كشفته معركة حلب تقديم عينة عن حجم ارتباك الدولة العميقة، رغم مزاعم الذكاء والاقتدار والدقة في عملها، وها نحن أمام عنوان في صحيفة لوس انجلس تايمز يتحدث عن جماعات سورية مسلحة مدربة من قبل البنتاغون تتقاتل مع جماعات تشغلها المخابرات المركزية، حيث تشكيلات تقاتل ضمن هجوم حلب مثل فرسان الحق تابعة للبنتاغون، تخوض المعارك بوجه قوات كردية مدعومة من وكالة المخابرات المركزية الأميركية.
- هل هو ارتباك الدولة العميقة ام ذكاء سورية أم كليهما؟
2024-12-02 | عدد القراءات 426