من جديد تفشل محاولات السعودية تغيير الموقف الروسي حيال ما يجري في سورية وكسر تحالفها الإستراتيجي مع دمشق ،والذي استدعى استخدام حق النقض الفيتو أربع مرات في مجلس الأمن ،في سابقة بتاريخ السياسة والدبلوماسية الروسية التي لن تتوانى يوماً ما خلال السنوات الأربعة الماضية عن الإصرار على موقفها ،ورفض التفريط والتنازل بأي مسلمة من مسلمات هذا التحالف وهو ما دفع الدبلوماسيين الغربيين لتعديل مسودات القرارات حيال سورية عشرات المرات قبل طرحها على التصويت إرضاء لموسكو وحلافائها ،وهو ما أقر به مسؤولون كبار بوزن رؤساء دول وممالك ووزراء خارجية ،ورغم التعديلات المتكررة سقطت تلك القرارات بالفيتو الروسي ولولا إدراك خصوم موسكو استحالة تغيير الموقف لشهدنا رقماُ قياسياً جديداً باسم الفيتو الروسي.
ما صدر عن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف ينفي ما نشرته صحيفة "النيويورك تايمز" عن مفاوضات روسية سعودية لتغيير موقف موسكو حيال سورية ،مقابل تعهد سعودي بخفض انتاجها النفطي ووصفه تلك المعلومات بالافتراءات ليست الأولى في محاولات السعودية ولن تكون الأخيرة لاستمالة موسكو ،فمنذ بدء الأزمة السورية قدمت الرياض إغراءات مالية بديلة لحوالى 4 مليارات دولار تكسبها موسكو من بيع الاسلحة الى سوريا، ما لبثت أن عرضت مضاعفة المبلغ مقابل التخلي عن دمشق ،كل ذلك بقي بقي مجرد أمانٍ وفي عام 2013 سعت الرياض لاستمالة موسكو عبر صفقة أسلحة تتجاوز 10 مليارات دولار لشراء دبابات وصواريخ من موسكو.
بعيداً عن الدخول في عمق التمسك الروسي بتحالفاته حيال سوريا ومبررات موسكو ودوافعها التي تمتد لما هو أعمق وأكبر من مجرد صفقة سلاح هنا وسعر برميل نفط هناك ،على أهمية ما تشكله الصناعة العسكرية والنفطية من موارد روسية تشكل عصب الاقتصاد الروسي وهيكله الرئيسي ،يبدو انسداد الأفق أمام الرؤية السعودية لمسار الأحداث في العالم فبعد أربع سنوات من المحاولات ما تزال تفكر بإمكانية تغير رأي موسكو التي لم ترضخ لعقوبات غربية وأميركية عليها وواجهت وجاهرت بموقفها ومبرراتها.
يتوالى سقوط الأوراق السعودية يوماً بعد يوم فمع اقتراب نهاية المفاوضات الإيرانية الغربية بما يثبت الملف النووي الإيراني في خانة البرامج السلمية ويدخل طهران في النادي النووي العالمي ،تذهب جهود أل سعود بالتحريض ضده أدراج الرياح ،فيما مسار الأحداث اليمنية تسحب البساط من تحت الرياض في اليمن السعيد بالوصول لحل سياسي جامع تشترك فيه كل القوى السياسية اليمنية لضمان العبور السلمي باليمن نحو الحلول الدستورية ،تطلق الحياة السياسية وتحدد مواعيد وأصول لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وهو ما يعني نهاية الحقبة السعودية في اليمن.
وبالدخول إلى عمق جنوب أسيا وحيث ترسخ الرياض قواعدها في الهند تنظر بتوجس للتقارب الصيني الروسي الهندي فالسعودية التي تربطها بالهند علاقات وطيدة قائمة على مستويين مهمين الأول باتفاق للتعاون الدفاعي بين الدولتين وقع في شباط 2014،والآخر تجاري فالمملكة السعودية تزود الهند بنحو خمس وارداتها من النفط وبين الدفاع والنفط تدرك المللكة خطورة تقارب الهند من روسيا التي تجمع الورقتين والذي بدأت بوادره بالظهور باللقاء الثلاثي لوزراء خارجية روسيا والصين والهند وتعزيز التكامل والتنسيق ،ما يعني خسارة محتملة وربما حتمية في زمان معارك كسر العظم لآل سعود في أسيا.
كما في السياسة والاقتصاد تخسر المملكة أوراقها على الأرض فمع إعلان ربيب المملكة الإرهابي زهران علوش تحالفه مع جبهة النصرة وتقديمه أوراق إعتماده للإسرائيلي يعلن خروج آل سعود من الساحة السورية وربما تتحول المملكة من لاعب أساسي في المنطقة ورأس حربة في المشروع الأميركي إلى مجرد لا عب سابق على المدرجات بعد أن حرقت موسكو ورقتها الأخيرة .
2015-02-05 | عدد القراءات 2909