الحل السياسي والتذاكي بفذلكات ديميستورا - ناصر قنديل

الإرتباك في معكسر واشنطن تجاه الأزمة السورية ومآلات الحرب الفاشلة عليها لا يحتاجان إلى براهين وأدلة ، فيكفي  كلام الرئيس الأميركي باراك أوباما  ووزير خارجيته جون كيري المتبدل  خلال أربع سنوات بأربعة أثواب وعناوين ، من لا حل سياسي بوجود الرئيس بشار الأسد ، إلى لا خارطة طريق لإسقاط الأسد ، ثم لا خطة لعزل الأسد عن الحل السياسي ، ثم لا بد من الأسد في الحل السياسي ، ودائما طبعا البقاء  على لازمة ممجوجة من نوع لا شرعية الأسد ولا  يجب بقاؤه وهو جاذب للإرهاب ، وضرورته مؤقتة حتى عندما التسليم بالحاجة لوجوده في الحل السياسي أو في الحرب على الإرهاب او التسليم بالفشل في إزاحته .

لا تقف  حدود الإرتباك هنا ، فهي أدهى عند حلفاء واشنطن الحالمين بفرص  مواصلة الحرب ، من حكم رجب أردوغان الذي لا يزال يشترط المشاركة بالحرب  على داعش التي يرعاها ويحتضنها بربط هذه الحرب بحلف حرب على سوريا ورئيسها ، إلى السعودية التي تعترف بالحاجة للتفاهم مع إيران للضرورات اليمنية والبحرانية واللبنانية  وترى الموقف  من الرئيس الأسد سببا كافيا لتعطيل هذه الفرص  والتفاهمات الوجودية ، وصولا لإسرائيل التي لم تمتنع عن إفشاء سر إستخباري  نامت عليه عقودا ، لما صار إشهاره ولو كفضيحة بوابتها الوحيدة لمواصلة الحرب  على سوريا ورئيسها ، عبر الإعلان عن ان حلفها مع فرع تنظيم القاعدة الذي تمثله جبهة النصرة في سوريا يهدف لإقامة حزام أمني  على حدود  الجولان .

الكل يعرف ويعترف أن زمن الرهان على الحرب إنتهى ، وأن في سوريا جيشان يتقابلان وما بينهما تفاصيل تافهة ، الجيش العربي السوري ، وجيش القاعدة بفرعيها داعش والنصرة مدعوما من السعودية وتركيا وإسرائيل ، وأن التوازن العسكري القائم بينهما ، يستحيل جعله يميل لحساب  جيوش القاعدة ، والأكيد أنه سيميل لحساب الجيش السوري ، ومع سعي المثلث التركي السعودي الإسرائيلي لتدعيم جيوش القاعدة بكل وسائل القوة ، يبدو أن  الغرب يرتعد خوفا وذعرا من إحتمال ميلان  الميزان لحساب  جيوش القاعدة وتمسكها بالساحل المتوسطي  تمهيدا للعبور  بالزحف إلى أوروبا ، بينما  يرتعد قلقا على إسرائيل وتركيا والسعودية من مرحلة ما بعد إنتصار الأسد .

الحل السياسي بديلا عن الحل العسكري بمفهوم وقف القتال ، يعني تفاهم  الدولة السورية والقاعدة و لذلك يشكل إستحالة جامعة ، فلا القاعدة ولا سوريا ولا قوى الحرب الخارجية تضع هذا الإحتمال ، ليصير المقصود بالحل السياسي ، التفاهم  بين سوريا ومكونات المعارضة السياسية التي لا وجود ولا تأثير لها على مجريات  الحرب  الدائرة بين الجيش السوري وجيوش القاعدة .

تعمل واشنطن ويسعى ديميستورا لصالحها ، لحل سياسي يمنح أميركا وحلفائها شراكة سياسية وأمنية في الدولة السورية مقابل مصالحتها ورفع العقوبات وإعادة تطبيع العلاقات ، والطريق الحديث  عن حل سياسي يضمن دخول جماعة أميركا وتركيا والسعودية وإسرائيل لداخل المؤسسات  الحكومية والجيش والأجهزة الأمنية تحت شعار الحل السياسي .

وجبة الحل على الطريقة اللبنانية  التي يبشر بها ستيفان ديميستورا ، هي الحفاظ على مسلحي المعارضة مع وقف للقتال لطرح دمج الميليشيات بالجيش وأجهزة الأمن ، على الطريقة اللبنانية ، وعلى الطريقة اللبنانية طرح إعادة هيكلة الجيش والأمن ، وصولا لتركيبة سياسية للدولة بتوزيع مناصبها وصلاحياتها على أساس طائفي ، لضمان الحصول على أحد المقاعد السيادية وخصوصا رئاسة الحكومة بصلاحيات على الطريقة اللبنانية  ، وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية  على الطريقة اللبنانية ، مع التسليم ببقاء الرئيس  طالما لا امل بتغييره ولا قدرة على ذلك عبر صناديق الإقتراع .

ما سيفهمه ديميستورا أن نظرياته وفذلكاته ، التي سبق وقالها الأخضر الإبراهيمي وجون كيري بطرق مختلفة  تعادل حربا عالمية ، وسوريا مستعدة للقتال لمنعها أربع سنوات أخرى .

إنه نموذج الفتنة والحرب الأهلية على الطريقة العراقية  .

دولة واحدة وجيش واحد ورئيس  واحد هي سوريا .

 

2015-02-09 | عدد القراءات 3748