كما هو متوقع حملت إفادة المبعوث الدولي لى سوريا ستيفان ديميستورا أمام مجلس الأمن ،موافقة دمشق على خطته الرامية لتجميد القتال في حلب مدة ستة أسابيع تبدأ بموعد يعلن عنه عقب الاتفاق مع الحكومة السورية على تفاصيل الخطة ،لاتاحة تنفيذ هدنة موقتة في المدينة يبنى على أساسها خطوات لاحقة ،سواء لتمتد الخطة وتشمل مناطق أخرى أوربما تنهار قبل اكتمال الأسابيع الستة ،وهذا مرهون بمواقف الأطراف على الأرض والتزامها بالاتفاقات والعهود.
وبعيداُ عن إثارة الأحواء المتفائلة هنا أو المتشائمة هناك ،بدا واضحاً في كلام ديميستورا رغبة الحكومة السورية في السعي للسير في الاتفاق لخواتيمه المفيدة ،وهو ما يمكن استنتاجه من رد الحكومة على طلبه باختيار أحد أحياء حلب لتسهيل دخول المعونات الإنسانية ووقف العمليات ،فكان جواب دمشق بوقف شامل في كامل أحياء المدينة طيلة الأسابيع الستة .
إذا الحكومة السورية منحت ديمستورا أكثر مما طلب ولم تنظر للحسابات الضيقة باختيار حي أو شارع يعاني من مآزق بانتظار فرج ديميستورا ،بل قاربت القضية من المنظور العام الشامل ،وقطعت الطريق على التآويلات والمقاربات القاصرة ،عن دوافع وأسباب إختيار حي بعينة فمنطق الدولة الحريصة على كل مدنها وقراها لا ينجر إلى الشوارع والزواريب.
ثقة ديميستورا في الحديث في مقلب الحكومة السورية لا ينبع من تعاطف أو إنحياز ،وهو لا يمكن لعاقل متابع أن يناقش فيه ولا عن صدق نوايا يظن بها مبعوث بان كي مون حيال دمشق ،إنما من تأكيد وضمانات منحت في عاصمة الأمويين لدعم مساعيه إلى الآخر.
بالمقابل آمل ديمستورا أن تلتزم الجماعات المسلحة وقف العنف خلال الأسابيع الستة وهو يدرك أن محصلته من الضمانات حتى الآن صفرية ،فبعد رفض مايسمى بـ"مجلس قيادة الثورة" مجرد لقاء ديميستورا لا تقديم ضمانات بالتعاون ،وهو رفض كان كافياً لإصابة المتحدثة باسمه بالقلق المزمن الذي يبدو أن عدواه تنتقل في هرم الأمم المتحدة من رأس الهرم بان كي مون مدمن القلق الأممي إلى قواعده.
ولأن منطق الدولة يغلب على عقول زعران الميليشيات تمضي دمشق في رؤيتها للحل السياسي للآزمة السورية القائم على مكافحة الإرهاب بالتوازي مع مسار المصالحات ،الذي تندرج تحته كل ما يدور في فلك المبادرات وجلسات التشاور والحوار ،وهذا المنطق ليس شعار يرمى للاستهلاك الإعلامي بل خطة عمل واضحة المعالم تعرف من ثمارها التي تلوح في الجنوب والشمال وريف دمشق،فالتغيرات العسكرية والميدانية في الريف الشمالي لمدينة حلب خلال الأيام الماضية ،لا تدع مجالاً للشك بجدوى تلك العمليات وقدرتها على إصابة الجسد الإرهابي المسلح بالشلل وقطع شرايين إمداده من القلب التركي والعقل الأميركي ،الذين قرأا حراجة الموقف لتخرج المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي عن صمتها ،وتعلن توصل بلادها إلى اتفاق مبدئي مع تركيا حول تدريب وتجهيز ما تسميه المعارضة المعتدلة،وتوقيع الاتفاق بشأنها في وقت قريب وهي بمثابة كلمة السر للجماعات المسلحة للمضي في رفضها التعاون رغم إدراكها الضمني صعوبة المهمة الإنتحارية ،فهل باستطاعة بساكي تأمين وصول الدعم إلى حلب بعد إكمال الجيش السوري الطوق حول المدينة وقطع شريان الإمداد،وهل ستنفع صدمات واشنطن وأنقرة في إعادة الروح لجسد ميت يتقاذف قادته الإتهامات حول مسؤولية الهزائم ،وهل ستسمح دمشق بوقف إطلاق نار قبل الحصول على التزام تركي عبر ديميستورا بوقف الإمداد بالسلاح والمسلحين وهو الشرط السوري الأول قبل نقاش أي وقف لإطلاق النار.
للمرة الأولى ربما سيتسنى لشخصية أممية أن تجد من يبدد قلقها العميق فوصول الجيش السوري لنبل والزهراء له دلالاته وفرضه الطوق المحكم حول حلب ، وانسداد الأفق أمام المجموعات المقاتلة وحده الكفيل برفع ما بتبقى من جيوب مسلحة للراية البيضاء ودفعه للقبول بخطة ديميستورا مرغماً بلا خيار أخر.
توما يا توما .... إقطعي الشك باليقين ..... وآمني قبل أن تري .... وأنقلي الرسالة لديمستورا ... ستتحقق الأماني .... التوقيع الجيش العربي السوري
2015-02-18 | عدد القراءات 4599