عندما تشبه روسيا داعش ! - روزانا رمّال

قد لا يحتاج المشهد  الى اكثر من هذا التصريح الحاد لوزير دفاع دولة اوروبية مهمة تجاه اخرى كبيرة  لكي يوصف الوضع باسواء مما يكون للوهلة الاولى, فقد لفت في اليومين الماضيين تراشق اعلامي بدا  مبرمجا و محددا وجهّته بريطانيا على لسان وزير دفاعها الى روسيا .

ببساطة  اعلن وزير الدفاع البريطاني  "مايكل فالون" أن روسيا تشكل خطرا على أوروبا بقدر تنظيم "داعش" و اذا كان لمثل هذا الكلام او الموقف في وقت شديد الدقة بلا شك يشير في طياته الى نوايا مبيتة في الحكومة البريطانية او  ربما جزء او راي عدائي بشكل متطرف تجاه روسيا و مثل هذا الكلام و ان كان يوضع ضمن حرب باردة رفضها وزير الدفاع البريطاني و وصفها بالدافئة فان هذا لا يبرر تاكيده  في جواب على سؤال ان ". بريطانيا وحلفاؤها في الناتو مستعدين للحرب مع موسكو لافتا انه يجب على  الناتو أن يكون مستعدا لأي نوع من العدوان الروسي، أيا كان شكله.

التصريحات هذه استدعت ردا روسيا على لسان المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف الذي قال أن كلام وزير الدفاع البريطاني ، الذي قارن فيه روسيا مع تنظيم "داعش"، لا معنى له  مؤكدا ان من استطاع قول ذلك لا يكاد يفهم الموضوع الذي يتحدث عنه .

ظهرت روسيا بهذا المشهد عدوا جديا بالنسبة لبريطانيا  و يبدو ان العمل يتركز في الاروقة الديبلوماسية الغربية على تسويق روسيا دولة معتدية قد تشن حرب في اي لحظة  و انه يجب الحذر و الاستعداد لمواجهتها و على ان المواجهة غير واضحة المعالم او الذرائع التي ربما تمثل هذه التصريحات تمهيدا "لخطوة" اوروبية ما ما فانه لا يبدو مستغربا ان  يكون التقدم الذي احرزته روسيا سياسيا و استرايجيا و اقتصاديا يشكل قلقا كبيرا للدول الغربية خصوصا و ان صعود الحلف الروسي الذي يكتسب مناعة يوما بعد يوم بات هاجسا اساسيا عند الاوروبيين الذين يرون في روسيا قوة ضاربة .

من جهة اخرى فان التهديد الروسي الذي يتحدث عنه وزير الدفاع البريطاني و الذي وصفه بتنظيم داعش  فانه يجمع بين روسيا والارهاب معا ,  في وقت رفضت روسيا المشاركة في اي حلف دولي غير واضح الاهداف في الشرق الاوسط لمكافحة الارهاب  و كأن بريطانيا تعلن على لسان الاميريكيين  ان كل من لم يشارك بعمليات التحالف الدولي شريكا غير مباشر لداعش ,و  يبدو ان بريطانيا و الدول الاوروبية يغمزون من خلال الحديث عن خطر روسي  الى " النصر الروسي"  في الازمة الاوكرانية التي لا شك شكلت مفصلا اساسيا  خلطتت اوراق اوروبا في اعادة توزيع النفوذ و التدقيق بين نقاط ضعف حقيقية بدات تعاني منها الدول الاوروبية بسبب تبعيتها المطلقة لاميريكا و بين قوة وهمية رسمتها الولايات المتحدة كمشرف  استراتيجي سياسي على الدول الاوروبية التي  بات يخضع ابرزها اكثر من اي وقت مضى للبوصلة الاميريكية ليس اولها بريطانيا كحليف تاريخي  و لا اخرها فرنسا .

النفوذ الروسي يتصاعد و  يبدو ان موسكو تستعد لتصاعد الحملات العدائية تجاهها خصوصا من الدول الاوروبية  و يبدو ان المحطات القادمة لن تحمل افضل العلاقات الروسية و الاوروبية .

 

 

2015-02-21 | عدد القراءات 2497