في عملية وصفتها أنقرة بالعسكرية داخل الأراضي السورية رتبت القوات الخاصة التركية انسحاب العشرات من جنودها من قلعة جعبر ،ونقلت معها رفات جد السلالة العثمانية السابقة سليمان شاه إلى الأراضي التركية ،بعد أن وصل خطر التنظيم للمرقد بحسب المبررات التي قدمتها أنقرة، وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو من مقر هيئة الأركان التركية زف البشرى للأتراك ، بنجاح العملية عبر دخول 39 دبابة، و57 عربة مدرعة، و572 جنديًا بالتزامن مع توجه قوة عسكرية أخرى إلى قرية "آشمة" تمهيدًا لنقل الرفاة إليها.
إذاً واجب ولاء الحفيد المطيع المخلص لمبادئه للجد المؤسس ، يستحق التضحية والمغامرة بعملية عسكرية ،هكذا أرادت أنقرة آردوغان تصويرها وهو ما يفسر ظهور أوغلو من هيئة الأركان ،والمواكبة الإعلامية القوية التي رافقت العملية دون أن تكلف نفسها عناء التوضيح بمبررات هذا القلق المفاجئ على أمانات الأجداد من خطر داعش ،وما الذي طرأ لتصبح داعش خطراً على الحاضر والماضي التركي ، في وقت بات يعلم القاصي والداني ،حجم الدعم التركي للتنظيم فقبل أيام فقط وثقت وكالات الأنباء عبور المئات من مقاتلي داعش عبر المعابر الحدودية التركية ،فما الحدث الجلل الذي حول داعش لعدو يستدعي دخول هذا الحشد العسكري المدرع لنقل رفات ، وعشرات المقاتلين دون إطلاق رصاصة واحدة في مواجهة مباشرة مع التنظيم ،وهو ما أكده أوغلو فما الرسالة التي آراد آردوغان إيصالها على أكتاف جده الأول سليمان شاه.
بالتزامن مع عملية سليمان شاه شغل ظهور الرئيس اليمنى من عدن الأوساط السياسية بعد مغادرته العاصمة صنعاء وتراجعه عن الإستقالة وتمسكه برئاسته الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المستندة على المبادرة الخليجية ورفضه ما سماه بالانقلاب ومنقلباً على التفاهمات التي تنص على تكوين مجلس انتقالي ورئاسي ما سيعيد خلط الأوراق في المشهد السياسي اليمني ،ويعيد الاستقتطاب للساحة اليمنية إلى مداه الأقصى ، في محاولة لنسف التفاهمات السياسية والتي تسعى للسير بحل سياسي يحافظ على وحدة اليمن ويضمن حقوق القوى السياسية كافة بما فيهم الحوثيين الداعين للمشاركة السياسية بين كافة القوى ،ولذلك يأتي تصوير مشهد خروج عبد ربة منصور إلى عدن ،كانتكاسة أمنية وفشل للحوثيين في حماية مكان إقامته الجبرية ،وهو ما لا يمكن لأي عاقل أن يتقبله فهل يعقل لقوى سيطرت على ساحات صنعاء أن تغفل عينها عن رئيس بمقر إقامة جبرية وتتركه يغادر إلى عدن.
بعيداً عن الخوض في تفاصيل وتوقيت وتزامن عودة عبد ربه منصور إلى المشهد السياسي ،وعملية إعادة سليمان شاه إلى تركيا ثمة تساؤلات تطرح هل تعود اليمن إلى نقطة الصفر ،وهل باستطاعة السعودية قيادة حرب في اليمن رأس حربتها الرئيس منصور والتي ثبت فشله في الحد من المد الحوثي .... وهل يطرح آردوغان أوراق قوة عسكرية يستعرض بها داخل الأراضي السورية في مسعى جديد لقيادة معركة جديدة في الحرب على سورية ، بعد أن ثبت فشل كل القوى المسلحة التي دعمها بقلب المعادلات والإمساك بالأرض ،وإدراك الأميركي إستحالة أية إمكانية لتغيرات في الموازين رغم كل ما قدمته وتقدمه للمجموعات المسلحة المنضوية تحت غطاء المعارضة المسلحة المعتدلة من دعم مادي ولوجستي ،أم تسعى السعودية وتركيا لحجز مقعد على طاولة المفاوضات ضمن مسار التسويات الكبرى في المنطقة والعالم ، والتي يبدو أنه لن يتوقف ،ومع العجز عن السير في الحرب فما على أنقرة والرياض سوى اللحاق بركب التفاهمات قبل فوات الأوان .... سليمان شاه مفاوضاً في سوريا وعبد ربه منصور منتحراً في اليمن .
2015-02-22 | عدد القراءات 2608