من على منبر الكونغرس الأميركي رمى بنيامين نتنياهو رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بأخر أوراقه الدعائية بحربه ضد إيران في محاولة اللحظات الأخيرة لعرقلة الإعلان عن الإتفاق النووي مع القوى العالمية الكبرى وللتأثير على قرار واشنطن بإنجاز الإتفاق من بوابة الضغط على الإدارة الأميركية بإثارة رأي عام ضاغط يدفع الرئيس الأميركي باراك أوباما للتراجع.
دخل نتنياهو الكونغرس الأميركي بمقاطعة قل ما يشهدها خطاب رئيس وزراء إسرائيلي بمقاطعة 50 من أعضاء الكونغرس للخطاب على رأسهم جوبايدن المعروف بمواقفه الداعمة لتل أبيب وربما كان المقاطعين أكبر الكاسبين فالخطاب لم يأت بجديد لا في الشكل ولا في المضمون بل تكرارا لما سبق مما قاله على مدى سنوات عن قرب طهران من تطوير أسلحة نووية دون أن يثبت ذلك. ولعل إتهام أحد أعضاء الكونغرس "نتنياهو" بإهانة ذكاء الولايات المتحدة في الخطاب واعتبار أخرين الخطاب جزء من حملته الانتخابية يكشف حجم السخط الأميركي لخطاب نتياهو.
لم يجرؤ نتنياهو على التطرق إلى الحرب كبديل عن الاتفاق لكن الاتفاق الذي وصفه بالسيء كونه لن يمنع طهران من حيازة السلاح النووي وربما في ابتعاده عن ذكر مصطلح الحرب الواقعية الوحيدة في الخطاب فمن يقرع طبول الحرب يجب أن يتسلح بانتصارات تقوي حجته لا بسلسلة هزائم قاب قوسين أو أدنى من كسر أسطورة كيانه ،وهو يتلقى الهزائم الواحدة تلو الأخرى فمن حرب تموز 2006 إلى العدوان على غزة عام 2008 في عملية "الرصاص" المصبوب إلى عدوان عامود السحاب 2012 والجرف الصامد 2014 وانتهاء بعملية شبعا 2015.وهو ما منع نتنياهو من ذكر مصطلح الحرب.
حاول نتنياهو اللعب على وتر إتهام النظام الإيراني بالعداوة للشعوب وكأن القيادة الأميركية تجمعها بقيادات طهران صداقة لا يحل عراها مخلوق ، وزيارات متبادلة لا تنقطع ،وكأن محاولات اللعب على تغير النظام الحاكم في طهران غائبة عن أذهان أسياد البيت الأبيض ، ولم يجربوا تلك الآلاعيب بدأ من نظريات مارتن إندك منع طهران من ملئ الفراغ السياسي في المنطقة ، إلى دعم وتصنع المعارضات الإيرانية منذ سقوط الشاه ،عبر العمل السري أو تسهيل العمل السياسي والدعم الإعلامي عبر تمويل الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان وتمويل شبكات لا سلكية سرية ،وإطلاق سفارة افتراضية في إيران لتجنيد العملاء ومع فشل كل هذه الجهود سعت واشنطن لإدخال أخوات داعش إلى الأراضي الإيرانية من البوابة العراقية والتي تعاملت معه إيران وفق مبدأ الهجوم أفضل طريق للدفاع عبر الدعم والتنسيق مع العراق وسورية في مواجهة الإرهاب لتأتي بنتائج مضاعفة ولعل انتصارات الجيش العراقي في تكريت ونجاحات الجبهة الجنوبية في سورية خير شواهد على نجاح استراتيجية طهران في إبعاد خطر الإرهاب عنها ودعم صمود حلفائها فضربت عصفورين بحربها على الإرهاب.
الانتظار واللعب على الوقت وصفة نتنياهو البديلة للاتفاق النووي ربما لحين يجد أكاذيب جديدة يسوقها في عواصم القرار العالمي وقد غاب عن ذهنه أو تقصد تغييب حقيقة أن طهران ليست المستعجلة على إتمام الاتفاق ولطالما قالت أن عدم توقيع إتفاق أفضل من اتفاق سيء لا يضمن الحقوق فالغرب وواشنطن مستعجلة في ظل عجزها عن وقف محركات الطرد المركزي الإيراني عن العمل والتي تراكم في مخزون المشروع النووي الإيراني يوماً بعد يوم المزيد من اليورانيوم المخصب وما يعنيه من قدرة إيرانية مضافة وقناعة أميركية بأن الإتفاق اليوم أفضل من الانتظار للعام القادم وربما الأفضل لواشنطن لو تم العام الماضي.
مصادر في البيت الأبيض أكدت أن الرئيس أوباما لم يشاهد الخطاب على التلفاز، وإنما قام بقراءته على الورق دون ذكر متى وما ذا كان يعمل أوباما ربما وهو يشرب قهوة الإستراحة وربما كان يتابع مستجدات مفاوضات وزير خارجيته جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف قرأ أوباما الخطاب على عجل ورسالة لنتنياهو من بين السطور لا وقت لدينا للانتظار الإتفاق قد تم .... بلغ من يهمه الأمر
2015-03-04 | عدد القراءات 2208