كتب المحرر السياسي:
«الخشية هي من التدحرج السريع للانتصارات التي تتحقق على يد القوات العراقية، وخصوصاً وحدات الحشد الشعبي، التي رصدت لها إيران إمكانيات كبيرة تسليحية ومادية وتدريبية وخبرات مستشارين قادرين».
«قد يتكرّر قريباً ما حدث في تكريت من انهيار سريع لداعش، في الموصل».
«المهم هو الحديث في ما بعد النصر وليس في النصر».
«الأفضل أن تتمّ الفصول الباقية من المواجهة مع داعش بالشراكة والتنسيق بين إيران والتحالف الذي تقوده أميركا».
تكررت هذه المعادلات في الكلام الذي صدر عن نائب الرئيس العراقي إياد علاوي ورئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، المعروفين بعلاقتهما القوية بكلّ من أميركا والسعودية، بينما كان رئيس أركان الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي يكرّر كلاماً مشابهاً أمام الكونغرس، قبل أن يبدأ النواب بالتداول في المشروع المقدّم من الرئيس باراك أوباما لطلب التفويض لثلاثة سنوات باستخدام القوة البرية في مواجهة «داعش»، وهو الطلب الأول منذ الطلب المماثل قبيل الحرب على العراق عام 2002 الذي تقدّم به الرئيس الأسبق جورج بوش.
الجمهوريون في الكونغرس، لم يفوّتوا الفرصة بعد الانقسام الناجم عن مفاوضات الملف النووي الإيراني، والمذكرة التي تتضمّن التلويح بإسقاط أيّ اتفاق يوقعه أوباما بمجرّد نهاية ولايته، وكان قد وجهها عدد من الشيوخ والنواب إلى القيادة الإيرانية، بلغة وصيغة، اعتبرتهما إدارة أوباما إهانة للرئاسة الأميركية وللدستور الأميركي.
تأثير رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو برز في مناقشات الجمهوريين، في محاولة التساؤل عن سبب عدم إدراج الجيش السوري ضمن أهداف التفويض، وهم يعلمون أنّ كلامهم ليس إلا للمزايدة، ويعلمون بعد العرض الذي قدّمه ديمبسي أنّ الحرب مع «داعش» تكاد تنتهي على أيدي قوى حلف المقاومة، وهم يناقشون ويخوضون حروبهم الصغيرة ضدّ أوباما.
حدث الأمس كان الانهيار السريع لقوات «داعش» في تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين، وقلب المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو «داعش»، ونقطة الوصل والفصل بينها، وبدت الإمارة أوهن من بيت عنكبوت واهن، عجوز ومريض ومنهك القوى، لا يشبه بشيء صورة «بطولات» ذبّاحيه في الأفلام الهوليودية التي يوزعها، ولا ادّعاءات التضحيات التي يتفاخر بأهليته لبذلها، فقد هرب الدواعش كالأرانب أمام وحدات الحشد الشعبي العراقي، بعدما أبلغ أوباما العالم بأنّ الحرب مع «داعش» أعقد حروب العالم، ويريد اليوم أن يستلحق موطئ قدم لجيوشه في هذه الحرب، ويحجز مكاناً في الصورة التذكارية لإعلان النصر.
الحملة على إيران لم تقتصر على التحذير من مخاطر مفترضة لما بعد النصر، بل وظفت فيها مع الاستصراحات من رموز في الدولة العراقية، وكلام ديمبسي من منصة الكونغرس، حملة طرح تساؤلات عن أحداث سُمّيت بتجاوزات وانتهاكات طائفية في المناطق التي تمّ تحريرها، وثبت بطلانها جميعها بعد التحقيق الذي اعترف بنتائجه المتحدثون وصار كلامهم: «نتحدث من باب الاستباق والوقاية»، ونظمت حملات إعلامية من منابر إعلامية عربية وعالمية تعود إلى السعودية وأميركا، للتداول بتصريحات منسوبة إلى مسؤولين ومستشارين إيرانيين عن عودة إمبراطورية فارس وعاصمتها بغداد، ومنع سقوط بغداد ودمشق وأربيل وإعادة تحرير أراض احتلها مقاتلو «داعش» بعد يأس قادة سورية والعراق من ذلك.
الحملة كان افتتحها قبل يومين وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بإعلانه أنّ العراق وسورية ولبنان واليمن تحت الاحتلال الإيراني.
مناخ التوتر الإقليمي والدولي تحت تأثير الانتصارات العراقية، لم يلبث أن وجد صداه في لبنان، بالكلام الصادر عن نائب تيار المستقبل أحمد فتفت حول خطر تنامي النفوذ الإيراني، بينما كان مجلس النواب الذي كرّر في جلسته العشرين ما شهدته أخواتها الـ19، وتفادى في الحادية والعشرين وقوعها في يوم الأول من نيسان، كي لا تتحوّل إلى طرفة لبنانية عن تزامنها مع ما يتداوله اللبنانيون حول كذبة أول نيسان، وكان الاستحقاق الرئاسي محور كلام قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والحوار المرتقب بينه وبين العماد ميشال عون ومصير ورقة التعاون بينهما، أو «إعلان النوايا» كما سماه، فقال إنه لا يمانع بفتح الباب لوصول العماد عون إلى الرئاسة من دون أن يقول لماذا لا يفعل، وأنه يرتضي العماد رئيساً لولا، من دون أن يتمّ الجملة، خصوصاً أنّ كلّ كلامه تمحور حول رفض وصول رئيس تديره إيران ويرضيها، نافياً أن يكون العماد عون من هؤلاء الذين يمكن أن يقودهم أحد، أضاع «الحكيم» على اللبنانيين فرصة الحصول على جملة مفيدة، في ضبابية المجاملة التي حرص عليها بالكلام عن العماد عون، والحاجة إلى الحفاظ على جسور تبرّر الحوار من جهة، والتهرّب من الالتزام بفرضية وصول العماد عون إلى الرئاسة من جهة أخرى، ضاعت الحكمة مع «الحكيم»، وبقي الضباب والمجاملة.
في سياق آخر اعتبر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أنّ لبنان بحاجة إلى العقلاء والحكماء.
في ظل أجواء الجلسة السابقة التي تخللتها بعض التجاذبات الوزارية حول آلية العمل الحكومي، يعقد مجلس الوزراء جلسة في السراي الحكومية اليوم للبحث في جدول أعمال من 142 بنداً يتعلق غالبيتها بنقل اعتمادات مالية وإعطاء سلفات خزينة إلى بعض الوزارات والمؤسسات العامة وفق القاعدة الإثنتي عشرية لعدم انتهاء مشروع الموازنة العامة. ورجحت مصادر وزارية لـ»البناء» أن يشهد ملف لجنة الرقابة على المصارف خلافاً بين الوزراء لجهة التمديد للجنة من عدمه، مشيرة إلى أن حظوظ التمديد للجنة تراجعت بعدما كان تم التوافق عليه في اليومين الماضيين». وأشارت المصادر إلى «أن التمديد سيشمل منير اليان وأحمد صفا، على أن يتم تعيين الأعضاء الآخرين في الجلسة».
وكانت مصادر وزارية تخوفت من عرقلة عمل الحكومة مجدداً بعد بروز اعتراض لكل من وزير الاتصالات بطرس حرب وحزب الكتائب على تجاهل موضوع الإجماع على المقررات الوزارية لتصبح نافذة كما كانت تنص عليه الآلية السابقة.
الرئيس ينتظر توافق الإقليم
وعلى صعيد الانتخابات الرئاسية أرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة العشرين لانتخاب الرئيس إلى يوم الخميس في الثاني من نيسان المقبل وذلك لفقدان النصاب إذ حضر 55 نائباً فقط من أصل 127، علماً أن الموعد الجديد سيكون على غرار المواعيد السابقة بانتظار أن تعود رئاسة الجمهورية أولوية عند الدول الإقليمية والدولية المنهمكة في قضايا أخرى.
وهذا الإخفاق العشرون في انتخاب الرئيس، برهن أن لا لبننة للاستحقاق الرئاسي بتأكيد الرئيس بري أن «اللبنانيين فضلوا الاستيراد على الصناعة الوطنية فصار لزاماً علينا انتظار الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية».
…والحوار مستمر
وفي الانتظار، أكد بري أمام زواره أمس أنه سيدعو بعد 17 الجاري، وهو موعد بدء العقد العادي للمجلس النيابي، هيئة مكتب المجلس إلى اجتماع لوضع جدول أعمال الجلسة المرتقبة التي يتوقع عقدها في نهاية هذا الشهر أو بداية الشهر المقبل.
ومن جهة أخرى، أبدى بري استغرابه محاولات النيل من الحوار الجاري بين تيار المستقبل وحزب الله، «والذي نجمت عنه فوائد عدة لمصلحة هذا البلد في هذه الفترة الكالحة، وذلك بمحاولة تشويه متعمّدة وغير صادقة للقاء الذي جمعه مع الرئيس سعد الحريري في عين التينة».
وقال بري: «إن الرئيس الحريري لم يضع أوراقاً، ولا الرئيس بري مخزن أوراق»، مؤكداً أن «الحوار مستمر ولن تنفع بعرقلته بعض الأقلام».
وفي السياق، توقفت مصادر مطلعة عند كلام النائب أحمد فتفت من مجلس النواب وهجومه على إيران، واعتبرت أن ما يجري داخل كتلة المستقبل ليس إلا توزيع أدوار، فالرئيس الحريري أدرك بعد جلسة الحوار الأخيرة بين حزب الله وتيار المستقبل وناقشت في الاستحقاق الرئاسي، أن حزب الله لن يتراجع عن تسمية العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية».
وأعلن رئيس حزب «القوات» سمير جعجع «أن الحوار مع عون البند الأساسي فيه هو الاستحقاق الرئاسي، ولكنه أبعد من ذلك ويتناول مواضيع كثيرة، ويجب التفاهم على عدة أمور، ومنذ اللحظة الأولى أعلنت أنني لا أتمسك بالانتخابات الرئاسية، ولا شيء يمنعني من فتح الباب الرئاسي لعون كما يمكن أن أفتحه لرئيس حزب الكتائب أمين الجميّل».
ولفت جعجع في حديث تلفزيوني إلى أن «التواصل مع تيار المرده قائم والوضع أصبح كما يجب أن يكون وعلاقتنا جيدة وراض جداً عن تطبيع الوضع مع المرده وهو أقرب ما يكون إلى الطبيعي».
حردان: لبنان يحتاج إلى العقلاء والحكماء
في سياق آخر، اعتبر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان «أنّ لبنان يحتاج إلى المزيد من العقلاء والحكماء، وإلى تعزيز الاستقرار والوحدة الوطنية وتفعيل مؤسسات الدولة».
وأكد حردان بعد زيارته أمس على رأس وفد من قيادة «القومي» مقرّ حزب الطاشناق في برج حمود، لتهنئة قيادته الجديدة: «أننا معنيون بالدفاع عن أرضنا في مواجهة الإرهاب الذي يقتل شعبنا ويدمِّر بلادنا ومقوّمات قوّتنا».
السلسلة إلى اللجان
على الصعيد المطلبي، حرّك الرئيس بري موضوع سلسلة الرتب والرواتب إذ أعلن وزير التربية الياس أبو صعب بعد زيارته عين التينة برفقة هيئة التنسيق النقابية، أن الرئيس بري طلب من الإداريين المعنيين في مجلس النواب إجراء المقتضى من أجل عقد جلسة للجان النيابية المشتركة يوم الثلاثاء المقبل، على أن يكون على جدول أعمالها بند واحد هو سلسلة الرتب والرواتب. وأكد بو صعب «أن رئيس المجلس طلب منه أن يتواصل مع الرئيس فؤاد السنيورة بمشاركة وزير المال علي حسن خليل والنائب جورج عدوان، وسيعقد هذا الاجتماع في أسرع وقت تحضيراً لجلسة اللجان».
مناورات «إسرائيلية» واسعة وخرق جوي وبحري
أمنياً، واصلت قوات الاحتلال «الإسرائيلي» مناوراتها الواسعة في مزارع شبعا المحتلة، لليوم الثالث على التوالي. وسمع دوي الانفجارات في القرى البعيدة عن مكان المناورة التي ترافقت مع تحليق كثيف للطيران المعادي في أجواء الجنوب. ومساء خرق زورق حربي «إسرائيلي» المياه الإقليمية اللبنانية قبالة رأس الناقورة لمسافة 250 متراً لمدة 5 دقائق، ثم عاد باتجاه المياه الإقليمية الفلسطينية المحتلة، وقد جرى التنسيق بين الجيش وقوات الأمم المتحدة الموقتة في لبنان لمعالجة الخرق المذكور.
من جهة أخرى، أعلن الناطق الرسمي باسم «يونيفيل» أندريا تيننتي في تصريح أن حوالى العاشرة من صباح أول من أمس، «عبر 6 أشخاص الخط الأزرق من الجانب اللبناني في محيط مزرعة بسطرة. وقد لاحظ جنود حفظ السلام المنتشرون في المنطقة هذا الخرق، وسمعوا أصوات طلقات عدة أطلقت في الهواء جنوب الخط الأزرق. ويونيفيل فتحت تحقيقاً لتحديد الوقائع وظروف الحادثة».
خطف في وادي حميد
وفي مجال أمني آخر، خطفت مجموعة مسلحة اللبناني زاهر حسين رايد من منطقة العجرم في وادي حميد في عرسال وفروا به إلى جهة مجهولة.
2015-03-12 | عدد القراءات 3008