يصادف يوم الحادي والعشرين من آذار ، عيد النوروز أو النيروز ، وهو اليوم الأول من التقويم الشمسي ، الذي يحتفل به في إيران كموعد لرأس السنة الفارسية ، وتعطل إيران عطلة طويلة مع دخول العشرين من آذار تمتد لأسبوعين في المدارس والجامعات ، ويقيم التجار والصناعيون قطع حسابهم السنوي على موعده ، فيغلقون أماكن العمل للجرد الداخلي للأموال والبضائع ، وتنطلق الموازنة السنوية للدولة في هذا الموعد .
يتشارك الأكراد مع الإيرانيين في إعتبار اليوم عيدا سنويا لهم ، وموعدا لبدء العام الجديد ، ومعهما شعوب الشرق القديم التي إستوطنت بلاد فارس ، ووصلت تقاليده إلى مصر القديمة التي لا تزال تحتفل باليوم نفسه في عيد يسميه المصريون بسم النسيم ، منهم إنتقل لكل شعوب وادي النيل .
المشترك في كل معنى العيد لدى كل الشعوب هو أنه يرمز في التقاليد الإحتفالية إلى شيئين إثنين يمنحانه بعدا خاصا ، الأول هو الولادة الجديدة لإرتباطه ببدء فصل الربيع وتجدد الطبيعة ، ووعد الثمر الذي تمنحه الزهور الطالعة للشجر ، والثاني هو فيضانات المياه المنحدرة من ذوبان ثلوج الجبال وتفجر الينابيع وجريان الأنهار ، وعلاقة الماء بهبة الحياة للطبيعة والإنسان .
ينسج الأكراد والإيرانيون والسومريون والمصريون أساطير للعيدين تبدأ عند الجميع ، ببطل تاريخي يقاتل الملك الظالم ، وينتصر للفقراء والمساكين ولذلك بحلول العيد يخفف عن المساجين ويجري إطعام اليتامي والمساكين و يزار الموتى وتعاد رابطة الرحم بين الأقارب وتتم المصالحات العائلية والمسامحات بالديون و توزع الأموال على ذوي الحاجة .
نوروز هو عيد البطولة المحررة من الظلم وهو عيد التجدد الإنساني ، وهو هذه السنة فرصة ليحتفل الإيرانيون ببطولتهم المحررة التي تجعل الغرب كله يركع أمام أسطورة حقيقية كتبوها بثباتهم ومثابرتهم وعلومهم ، و إخلاصهم لفكرة أن شعبا يريد الحياة لا بد أن يستجيب له القدر ، وأن يحتفلوا بالنوروز كعيد للتجدد وهم يطلقون عالما جديدا وشرق أوسط جديد ، من رحم إنجازاتهم وثباتهم على خيار المقاومة ونصرتهم لقواه الحية في العراق ولبنان وسوريا وخصوصا في فلسطين ، كما يحق للأكراد أن يحتفلوا بعيد التجدد والبطولة وهم يتصدون لأبشع أنواع الإرهاب الذي جسده تنظيم داعش وسط تآمر تركي ، وفي ظل التذاكي الأميركي ، فيثبتون انهم شعب يستحق جدارة الحياة وقابلية التجدد وصناعة البطولة .
في عيد النوروز تزهو إيران وسوريا والعراق ، وبلاد أخرى بحلة العيد ، ويكتب للمنطقة التي عانت طويلا من مشاريع الهيمنة والإستعمار والإضطهاد أن تعيد كتابة تاريخها بأيديها ، لذلك يصير التمسك بالإحيار التقليدي للنوروز ، تشبثا بالخصوصية التي وضع كل الغزاة ثقلهم لمحوها ، ومعها محو الذاكرة التي ترمز للهوية .
عيد نوروز كاوا الحداد ينهي ظلم الملك زاحاك ، وربما يكون الملك عبريا من شكل اللفظة التي تذكرنا بشيئ من شاحاك يوحي بظالم العصر الإسرائيلي سواء كان داعش أو سواه ، فكاوا الحداد هو كل كردي يقاتل اليوم في الحسكة وعين العرب أو أربيل والموصل ، ونو تعني جديد وروز اليوم ، يوم جديد للشعوب المحتفلة من إيران لكازخستان وقرغيزستان وطاجكستان وكردستان ، وعام جديد وعالم جديد .
كل عام وأنتم بألف خير
2015-03-21 | عدد القراءات 4203