منذ اشهر و تستمع المحكمة الدولية بشكل متتالي الى شهادات شخصيات سياسية لبنانية عاصرت او عايشت الحريري ترتبط بطريقة او باخرى بملف الاغتيال بين شهود و اصدقاء و كان اخرها شهادة رئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة .
لطالما شكلت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان نقطة خلاف و انقسام عليها بين جزء كبير من اللبنانيين الذين يعتبرونها محكمة مسيسة بامتياز و بين جزءا اخر يرى فيها الامل الوحيد لمعرفة من اغتال الحريري الاب ومن ابعده جسديا و سياسيا عن الساحة السياسية .
لم تحمل المحكمة الدولية بالنسبة لمن يتمسكون بها الكثير من الطمأنينة او الاستقرار في تتبع سير اعمالها و نتائجها فقد غيرت و بدلت اكثر من مرة ادعائاتها و نوعية شهودها و الدلائل التي تستند عليها فبعد ان كانت سوريا المتهم الاول باغتيال رفيق الحريري فضبط في لبنان و اوقف كل من له علاقة بالنظام السوري و بينهم اعتقال الضباط الارعبة رؤساء الاجهزة الامنية و شن حملة على رئيس البلاد حينها الذي مدد له اميل لحود ...تبدل فجاة الموقف و تبرأ كل هؤلاء و خرجوا من دائرة الاشتباه و عادوا الى حياتهم الطبيعية لكن من دون الالتفات الى الضرر النفسي و الاجتماعي و العملي الذي لحق بهم لتاتي زيارة سعد الحريري الى دمشق خير دليل على تبدل موقف المحكمة منها .
موقف المحكمة الاخير او لائحة المشتبه فيهم تبدلت لتجه مباشرة نحو اتهام حزب الله او عناصر رئيسية فيه بالاغتيال .
هذا المشهد جعل مصداقية المحكمة الدولية على المحك خصوصا و انه لم يسبق لمحاكم دولية في العالم ان توصلت الى نتائج غير مسيسة او شفافة هذا عدا عن انها تستغرق سنوات لكي تغلق الملف او تتوصل الى نتائج نهائية و هذا ما اعتبر من جهة اخرى عبئ مالي على الدول النامية التي غالبا هي من يلجأ الى هكذا محاكم و ليس الدول الكبرى التي تتمتع ما فيه الكفاية بالقدرة على البت بامورها و كشف ملابسات الحوادث فيها و بالتالي لا شيء يؤكد ان التحكم بالدول الصغيرة و الفقيرة كلبنان غير ممكن او وارد .
كل هذا طبيعي بين انقسامات و اخذ و رد و شهادات و روايات في القضايا عامة لكن الى من تتوجه المحكمة الدولية اليوم ؟
بالواقع لا يهم سوريا اليوم سير المحكمة الدولية الامور التي الت اليها و هي التي تم اتهامها منذ البداية و تم تبرئتها بطريقة او باخرى او ابعاد الشبهة او استبدالها مؤقتا حسب المتغيرات الا ان النظام الحالي في سوريا الذي يصب كامل تركيزه على الازمة في البلاد و مواجهة المد التكفيري لا يعنيه كثيرا اتهاما لم يعد له تاثيرا بعدما تعرض لاقسى منه بكثير من مجتمع دولي باكمله طالب باسقاطه و بالتالي فان قضية الحريري او البحث فيها عن طريق هذه المحكمة بالنسبة لسوريا اخر ما يمكن ان تفكر فيه بعد سيل الدماء الذي اغرق البلاد و سيل الاغتيالات هناك .
اما حزب الله المصنف ارهابيا و المعتاد على المحلاحقة و التتبع و التي تعيش كوادره اسلوب حياة خاص و دقيق بسبب تتبع كل من يهمه امرهم من اسرائيليين و اميريكيين و كل جهازاستخبارات موالي للحركات الصهيونية و الذي يعمد كوادره على عدم الظهرو العلني بين الناس و الذين يعيشون حياة سرية و دقيقة بسبب العدو التاريخي اسرائيل لن يابه كثير باستدعاء محكمة دولية او بمعنى اخر لن يمثل اساسا و هذا مؤكد و يشبه الاستحالة التي يعرفها من شكل و اسس و دعم هذا الاشتباه و بالتالي لا تعني حزب الله فعليا هذه المحكمة و لا تؤثر عليه لا سياسيا حيث علاقته الوطيدة بجمهوره ولا ماديا و لا معنويا و لا عسكريا اضافة الى انخراطع التام في الصراع السوري و معارك العراق .
بالنسبة لايران ..فهي بيت القصيد و هي اليوم بصدد توقيع اتفاق مع الغرب و هي التي تحاور و تتفاوض و تلتقي و تعمل شركاتها و شكرات اميريكية و اوروبية على تعزيز التعاون الاقتصادي و تعزيز محاولات التطبيع و هي التي على ما يبدو على موعد مع اتفاق اقليمي يتوجها امبراطورية حقيقية ذات نفوذ كبير في عدو دول اقليمية رئيسية و ايران التي لا يعنيها من قريب او بعيد التدخل بباقي الدول " بالتصريحات الاعلامية " هي غير معنية باي اتهام لحزب الله قد يغمز من خلاله اليها و هي تبدو متصدرة او تستعد لتتزعم ملفات المنطقة مع الاميريكيين ..
فلماذا هذه المحكمة و لمن تتوجه اذا كان احدا من المعنيين لا يبالي و لا يتاثر و اذا كانت فقدت قدرتها على افتعال فتنة مذهبية بين اللبنانين ..
بعد المتغيرات الاقليمية تبدو المحكمة الدولية اضعف حضورا مما يمكن ان تكون في ظروف اخرى و بالتالي لا يمكن الحديث حولها بجدية طالما ان الذين تستهدفهم يستحيل الرهان عليهم في اي تعاون ..فالى من تتوجه بعد اليوم ؟..
2015-03-24 | عدد القراءات 2282