لا يمكن باي حال من الاحوال اعتبار الحرب على اليمن ارتجال سعودي منفرد جاء سريعا لصد هجمات الحوثيين و ايقاف تقدمهم تماما كما يتعاطى الغرب مع تقدم داعش . لا يمكن ايضا اعتبار ان السعودية التي لم تخض حروبا رسمية كهذه تخوض غمار حرب مجهولة دون دراسة تبعاتها او التعاطي معها و مع ظروفها كحساب خاص.
حرب دقيقة كهذه تاتي بوقت حساس جدا مفترض ان الولايات المتحدة الاميريكية تعرف تداعياتها بشكل جيد ايضا فالحرب السعودية على اليمن تاتي في اخر مهلة توقيع الاتفاق التاريخي مع الايرانيين اي مع نظام ولاية الفقيه بتعبير اخر .
يقول نتنياهو ان توقيع الاتفاق سيحمل ما لا تتوقعه اسرائيل بمعنى اخر ما لم يكن بالحسبان . كلام رئيس الوزراء الاسرائيلي يعكس قلق الحلفاء الكبير من هذا الاتفاق و يترجم بصيغة اخرى مخاوف حلفاء الولايات المتحدة السعوديين من قلق تشاركوا فيه اسرائيل بعبارة مشابهة قالها نتنياهو امام الكونغرس بخطابه الاخير و التي كانت تاكيده على ان الاتفاق سيكرس سيطرة ايران على اربع عواصم عربية هي دمشق و بيروت و بغداد و صنعاء ليعيدها سعود الفيصل امام جون كيري و مجلس التعاون بصيغة اسماء البلدان نفسها .
الحرب السعودية اليمنية على خطورتها لا يمكن ان تكون محور الحدث باذهان الاسرائيليين او الخليجيين او اي معترض على سياسات اميريكا لان بيت القصيد هو ما يجري اليوم في لوزان السويسرية و المعلومات التي تشير الى ان الاتفاق نضج تقريبا .
لا تغامر السعودية بمكانتها و مواقفها و كذلك بقرارات حربها و سلمها و اتخاذ قرار الحرب جاء خطوة مشابهة لعملية القنيطرة التي اجراها الاسرائيلي قبل ذهاب نتنياهو للكونغرس ليحمل معه انجازا يقول فيه للاميريكيين '' لماذا الذهاب الى اتفاق ؟ ما زلنا اقوياء'' . لم يستطع نتنياهو التباهي بالعملية لان الرد من حزب الله و معادلة حماية نصرالله لرجاله و الصد المباشر الحازم جاءت واضحة برسائلها عند الاسرائيليين .
عملية مشابهة لكن ليس لعرقلة الاتفاق مع ايران الذي سلك طريقا سليما انما لطلب شروط مناسبة للنفوذ السعودي الخليجي مقابل ايران التي ستعلن بطريقة او باخرى ملكة الساحة بعد التوقيع مع الدولة الاقوى في العالم اتفاقا بقي خياليا التقدم نحوه حتى الامس القريب .
لم تمنع الولايات المتحدة السعودية من اتخاذ قرارها و لم تقلق حتى من ان يؤدي هدا لاي تشويش على الاتفاق مع ايران لا بل شدت على يد الرياض و ارسلت الحشد المساند من المواقف الموالية للعملية مع و استحصلت الولايات المتحدة مشاركات دولها الحرب الى جانب السعودية .
تريد الولايات المتحدة حماية النفط و المال و قواعدها العسكرية في الخليج و هي بالتاكيد لا تمهد الطريق لايران لبسط نفوذها عليها لكنها بالوقت عينه تسعى لترويض السعودية و جرها نحو التفاوض مع ايران بفعل الحاجة اليها لانهاء الحرب اوتوماتيكيا .
دخلت السعودية حربا لم تحرز فيها تقدما و لم تستطع حتى الساعة اظهار انها قادرة على صد الحوثيين و وقف تقدمهم و مد يدها كقوة اسناد يعود على اساسها خصوم انصار الله الى صنعاء و عدن و غيرها بعد حماية ظهورهم و بالتالي تنجح السعودية و تفرض ما تريد او تعرقل ما تريد.
الاتفاق النووي التاريخي اقرب من اي وقت مضى و الموافقة على حرب اليمن تمرير اميريكي هادئ لتوقيع تاريخي قادم من دون ضجيج الحلفاء .
2015-03-30 | عدد القراءات 2782