كتب ناصر قنديل.. الحل السياسي

الحل السياسي

 

عندما يكثر الحديث عن  المبادرات السياسية لحل الأزمة يظن كثيرون أن هذا دليل على وجود مشاريع محددة جاهزة للتنفيذ وتنتظر القبول هنا والتعديل هناك والرفض هنالك ليبنوا توقعاتهم بناءا على  طبيعة الردود ومصادرها .

الواقع هو أن الصراع الدولي الكبير الذي تدور رحاه حول ومن خلال الموقف من سوريا لم يصل إلى نضج اللحظة المناسبة للتسويات ، التي تقوم على  تنازل راجح من فريق يأس من فرص التقدم ومكاسب راجحة لفريق نجح في تحقيق تقدم مقابل ولا يثق بقدرته على  تحقيق المزيد ، أو يرى كلفة المزيد من التقدم أعلى من عائدها ، أوتسوية تنتج عن تنازلات  في منتصف الطريق يقدمها الطرفان المتقابلان .

لا زال حلف الحرب على سوريا يعيش أمل النجاح في تحقيق تقدم ، رغم سقوط رهاناته على الإمساك بجزء من الجغرافيا السورية خصوصا في المدن الكبرى  من حمص إلى دمشق وصولا إلى حلب ، أو على الحدود الدولية خصوصا مع الأردن ولبنان وتركيا .

النسخة السورية من التسوية ستعكس موازين القوى التي يتوقف عندها الصراع الدولي والإقليمي ، فدعم حلفاء سوريا لها لم يتجاوز حدود رد الأذى عنها من معادلات التدخل الدولي ، بينما تتحقق إنجازاتها بقوة الدولة جيشا وشعبا ، بالمقابل المكون السوري على ضفة الحرب لا يملك أكثر من تشكيل بوق سياسي وإعلامي لداعميه ومشغليه الخارجيين وجزءا من أداة التنفيذ العسكرية لحربهم .

التسوية الدولية والإقليمية الموعودة تحتاج وقتا ، وإلى ذلك الحين الصراع  على عنوان الحل السياسي هو صراع على تحديد من بيده أوراق اللعبة الحقيقية ، لذلك تبادر موسكو وتبادر إيران لإسترداد عنوان الحل السياسي بعدما كانت االمبادرة في يد الجامعة العربية ومجلس الأمن .

إلى ذلك الحين الجيش العربي السوري سيقول الكلمة الفصل في الميدان وهو يعمل وفق رؤيا وخطة عنوانها أن يصل من يقف في ضفة الحرب إلى اليأس من إستهلاك المزيد من الوقت والمزيد من القدرات في حرب لن تتحسن مواقعهم فيها .

يعرف الجيش العبي السوري ان السوريين يرغبون بمعرفة ساعة الخلاص من الفوضى التي يعمل مشروع الحرب على تعميمها ، ويعرف ان السوريين يسألون كل يوم عن موعد نهاية الوضع في مدينة أو محافظة ، لكن خطته تقوم على إسقاط الأمل بالتقدم في كل الجغرافيا السورية وليس بتأمين مكان بعينه .

عندما يقاتل غير السوريين بغير جيوشهم النظامية فذلك لأن جيوشهم لا تملك القدرة على بذل الدماء ، وشعوبهم لن تتقبل هذا النزف الدموي من حكامها ، لذلك أقوى حروبهم هي التي يشنونها بمال بعضهم وهو أقوى ما عنده ، وسلاح ومخابرات بعضهم وهو اقوى ما يملك ، ورجال الغير الأكثر إستعدادا للموت من جنودهم وهذا اقوى ما يملكون .

سيموتون في النهاية وسيدب اليأس في قلوبهم وتنصر سوريا .

2012-08-28 | عدد القراءات 2125