كتب ناصر قنديل :
ديكتاتوريات بإسم الديمقراطية
الملخص :
مشهد المنطقة صار واضحا ، نحن أمام أقلية ال20% المنظمة والممولة والمدعومة بحصار دولي لخصومها وعقوبات إقتصادية لشعبها والممسكة بآلات القتل وأصوات التحريض والفتنة تبتز شعبها وبلدها بالخراب حتى تدخل جنة السلطة على صهوة الموت أو الجيوش الأجنبية ، وبإسم الشرعية الثورية تشكل حكومة بلا إنتخابات وتعد دساتير العزل السياسي وتستفتي عليها 30% من شعبها وتفوز وتجري الإنتخابات على اساس المنع والعزل والإقصاء وتفوز
في سورية قرر السوريون أن لا يسلموا مصيرهم لهذه اللعبة ببراءة السذج والأغبياء وسيخوضون حربهم حتى يرضخ العالم لشروطهم ويظهر حجم هذه المعارضة التي تملك الكثير من آلات الموت والقتل لكنها تملك القليل من الأصوات .
ستصل سوريا إلى لحظة إنهاك من يخوضون الحرب عليها قبل ان يصلوا إلى إنهاكها بصمود الشعب والجيش برفض التنازل عن أي من صلاحيات الرئيس الدستورية إلا بإستفتاء ورفض منح اي فريق صفة حكومية او سيادية إلا عبر صناديق الإقتراع.
تقترب الأمور من اللحظة الفاصلة ومن يصمد ينتصر .
سوريا ستصمد لأنها تريد دفع فاتورة خلاصها مرة واحدة بدلا من ان تدفعها لعقود قادمة نزيفا مستمرا
النص الكامل :
ما تشهده المنطقة من تغيير في أنظمة او رموز الحكم يقوم على قاعدة الترويج لشعاري الحرية والديمقراطية ، لكن من يدقق بقليل من العناية بالنصوص التي يجري دسها في الدساتير الجديدة يكتشف بسرعة اننا أمام ديكتاتورية ال20% لا غير .
في سوريا تشترط المعارضة المعتمدة رسميا ودوليا وإقليميا لأي حل تنحي الرئيس بشار الأسد وتقول بالتالي الحرب والخراب والدمار طريق وحيد لمخاطبة السوريين حتى يتنحى الرئيس، وعندما تسأل إذا كان هذا هو الهدف فلماذا لا تقبلون فرصة تحقيقه عبر صناديق الإقتراع في إنتخابات تضمن لها كل شروطكم لنزاهتها وموضوعيتها ، ومن يحوز الأغلبية يحقق شروطه ويفرضها على خصمه ، يتهربون ؟
في مصر سمعنا صرخات الشعب يريد إسقاط النظام في ثورة يناير لكن فوجئنا اثناء الإنتخابات الرئاسية أن مرشح النظام يحوز على 49% من اصوات الناخبين ، ونفاجئ اليوم بأن الدستور قد تضمن موادا تسمى العزل السياسي وتنص على منع جماعة الحزب الحاكم في عهد النظام السابق من المشاركة في الحياة السياسية .
في ليبيا وتونس يجري ذات الشيئ وهو نفس ما جرى في العراق تحت مسمى إجتثاث البعث وفي ألمانيا تحت شعار إجتثاث النازية .
القضية في المانيا والعراق وليبيا مفهومة بإعتبار أن كل من تقاتله واشنطن يجب أن يمنع كل من يمت له بقرابة فكر أو سياسية أو ذرية من ممارسة السياسة حتى ولد الولد .
لماذا في مصر وتونس يجب أن تقوم الديمقراطية التي تجلبها ثورة تشكو الإقصاء على ممارسة الإقصاء نفسه ؟
في كل بلاد العالم الحرمان من الحقوق المدنية والسياسية يتم بموجب قرار قضائي يصدر بحق شخص بعينه بموجب احكام تتصل بجرائم إرتكبها وليس رأي يحمله فهل يجوز حرمان ال49% الذين صوتوا لأحمد شفيق في مصر من حق الإقتراع مثلا ؟
وفي ليبيا كان واضحا أن " الثورة " إنتصرت بحرب اطلسية وأن نسبة من يقفون مع النظام السابق وقهرتهم القوة العسكرية الأجنبية ليسوا تلك الأقلية الضئيلة التي يمكن الإستهانة بها ولذلك يجب أن نعلم مسبقا أن مواد العزل السياسي لا ترمي إلا لضمان فوز الطبقة السياسية الجديدة التي جلبها الغزو الأطلسي وتامينها ضد اي منافسة ديمقراطية .
كذلك نصوص العزل في مصر وتونس .
في الحالة السورية يجب ألا نستغرب الهروب المستمر للمعارضة من كل نقاش حول الإحتكام إلى صندوق الإقتراع وهم يعلمون أن من معه الأغلبية الشعبية يستطيع تحقيق ما يريد دون تعريض بلده لمخاطر الخراب والدمار والموت وربما التفتيت والتقسيم والتدخل الخارجي .
من يضع شروطا لمشاركته في الإنتخابات وفقا لمعايير دولية يضمن أن يحصد في الصندوق ما يملك بين الناس وإذا كان واثقا من حجم تمثيله لهم يعزل وينحي ويعدل بقوة الإرادة الشعبية والمعايير الديمقراطية .
نحن أمام أقلية ال20% المنظمة والممولة والمدعومة بحصار دولي لخصومها وعقوبات إقتصادية لشعبها والممسكة بآلات القتل والخراب وأصوات التحريض والفتنة تبتز شعبها وبلدها بالخراب والدمار حتى تدخل جنة السلطة على صهوة الموت أو الجيوش الأجنبية ، وبإسم الشرعية الثورية تشكل حكومة بلا إنتخابات وتعد دساتير العزل السياسي وتستفتي عليها 30% من شعبها ، بسبب قرف ما تبقى وإشمئزازاه منها وتحوز الأغلبية المؤيدة للدستور، و إذا تجرأ أكثر على المشاركة ، فمن بيده الحكومة يملك آليات التحكم بالتصويت فيقف الناس طوابيرا ولا يصلون للصناديق بلعبة الإغراق بقطعان المصوتين المنظمين ومن يصبر ويصل يزور صوته والنتائج ، فتحصر الحياة السيسية ب30% معها أغلبيتهم لتحكم زورا بإسم الديمقراطية .
طبعا هذا لن يجلب إلا الإستقرار الزائف بعبرة ما جرى ويجري مع من كان قبلهم في الحكم بنسبة تأييد مشابهة والحرمان والإقصاء سيجلبان العنف السياسي والحرب .
في سورية قرر السوريون أن لا يسلموا مصيرهم لهذه اللعبة ببراءة السذج والأغبياء وسيخوضون حربهم حتى يرضخ العالم لشروطهم ويظهر حجم هذه المعارضة التي تملك الكثير من آلات الموت والقتل المشحونة بمال قطر وفتاوى السعودية والحدود التركية لكنها تملك القليل من الأصوات .
ستصل سوريا إلى لحظة إنهاك من يخوضون الحرب عليها قبل ان يصلوا إلى إنهاكها والمعادلة هي بين خيارين :
- الضغط المعنوي والإعلامي للقول ألا تستحق سوريا وخلاصها تنحي شخص هو الرئيس ليبدأ بعدها مسلسل تشكيل حكومة أقلية يحملها الأجنبي على ظهره ووضع اليد على الجيش وتخريبه وسن دستور هيمنة وتسلط وأخذ البلد إلى الضياع والحرب الأهلية والتقسيم .
- صمود الشعب والجيش والوقوف وراء إصرار الرئيس على رفض التنازل عن أي من صلاحياته الدستورية إلا بإستفتاء ورفض منح اي فريق صفة حكومية او سيادية إلا عبر صناديق الإقتراع حتى يسلم الخارج ومن معه من أقلية القتل بالقواعد الأساسية للديمقراطية و الإحتكام إليها .
تقترب الأأمور من اللحظة الفاصلة ومن يصمد ينتصر .
سوريا ستصمد لأنها تريد دفع فاتورة خلاصها مرة واحدة بدلا من ان تدفعها لعقود قادمة نزيفا مستمرا .
ناصر قنديل
29-12-2012
nasserkandil@hotmail.com
2012-12-29 | عدد القراءات 1912