الملخص:
- عندما وصل الرئيس بشار الأسد للرئاسة كانت لديه خطة واضحة لسوريا
- أراد الرئيس الأسد أن يقول ان الجمع بين المقاومة والديمقراطية ممكن
- أراد الأسد إفقاد الغرب خطته بوضع الشعوب بين معادلتي الخيار بين انظمة وطنية لكنها متخلفة أو أنظمة متطورة لكنها تابعة
- كانت لعبة الطبقة السياسية والعسكرية والإقتصادية في سوريا مقايضة الرئيس قبولهم بخيارات سوريا القومية والوطنية مقابل قبوله بإمساكهم بالحياة الداخلية
- كان الجيش والمقاومة والشعب رهان الأسد وخياره
- أطلق الأسد دفعة واحدة جملة تغييرات في بنية الجيش كما أطلق ربيع دمشق وخاض غمار التسليح النوعي للمقاومة وخاض المواجهة الشرسة للإحتلال الأميركي للعراق
- كانت حرب تموز 2006 هي حرب الأسد الأولى بإمتياز و قرر خوض غمارها حتى النصر
- نجحت تجاربه في المواجهة في إقناع روسيا بتحدي الأميركيين من وراء سوريا
- عندما بدأ ما عرف بالربيع العربي كانت سوريا جاهزة كساحة المواجهة
- وجدها الأسد فرصته التاريخية لجمع خياري المقاومة والديمقراطية
- أمس على المناركان الأسد يحتفل بنصر عبقريته الإستراتيجية
- نصر الأسد متعدد الوجوه و حروبه مليئة بالمفاجآت
النص كامل:
- عندما تسلم الرئيس بشار الأسد مسؤوليات الرئاسة في العام 2000 كانت لديه خطة واضحة لسوريا فقد اراد ان يكسر الحلقة المفرغة التي وضعت الشعوب العربية بين فكيها فمن جهة هي متمسكة بخيارات قومية تحررية ترتبط بخط المقاومة ومن جهة تتطلع لحياة مدنية مؤسساتية و تجد إستحالة الجمع بينهما
- أراد الرئيس الأسد أن يقول ان الجمع ممكن وكانت هذه خطته أن لا تبقى الشعوب مضطرة للإختيار بين تعلقها بنموذج المقاومة في وجدانها ونموذج الغرب لبناء الدولة في حياتها
- أراد الأسد أن يسير بسرعة نحو تقديم نموذج جديد قائم على إثبات تحدي تاريخي محوره أن الدولة الديمقراطية التعددية ليست نقيضا لخيار المقاومة وأن بالمستطاع إفقاد الغرب حصان طروادة الذي يعده لإختراق الشارع العربي عبر وضع الشعوب بين معادلتي الخيار إما انظمة وطنية لكنها متخلفة أو أنظمة متطورة لكنها تابعة
- كانت الطبقة السياسية والعسكرية والإقتصادية التي تتسلم مفاصل الحكم في سوريا قد بدأت تثبت للأسد أن الفساد و البيروقراطية ليسا مجرد مرض إداري ومسلكي بل حاصل عملية تحول كبرى شهدتها سوريا خلال ثلاثة عقود جعلت المتمكنين إقتصاديا وسياسيا وعسكريا شركاء في لعبة محورها مقايضة الرئيس بمنحه قبولهم بخيارات سوريا القومية والوطنية مقابل قبوله بإمساكهم بالحياة الداخلية التي توزعوا لعبتها مغانم ومكاسب ورموا على ظهر خياراتها القومية مسؤولية التخلف في الممارسة اليمقراطية وتقليص مساحة الحريات لتوضع الناس في الخيار الصعب الحياة المدنية الطبيعية مشروطة بالتخلي عن الخيار القومي أو التمسك بالخيار القومي مرهون بالصمت عن الواقع المتخلف والمريض
- على المستوى الوطني والقومي لم يكن الأسد بحاجة ليتعرف على ملفاته فهو من واكب تجربة الإشتباك مع إسرائيل من موقعه كمسؤول عن التواصل بين والده الرئيس حافظ الأسد والمقاومة في لبنان بصورة خاصة وسرية جدا لضمان عدم خضوع العلاقة معها لتحكم مفاصل الفساد والبيروقراطية وربما التعطيل والتخريب وكان واحدا من الذين شاركوا في صناعة نصر المقاومة في العام 2000 قبل رحيل والده بشهر وتسلمه المسؤولية بشهرين وكانت حواراته مع سيد المقاومة قد أوضحت في ذهنه ماذا يريد لبلده كرئيس
- خلال ثلاث سنوات أطلق الأسد دفعة واحدة جملة تغييرات هيكيلية في بنية الجيش وتسليحه وتدريباته وإعادة بنائه كجيش مقاتل وحدد ماذا يريد من الترسانة الروسية الإستراتيجية كما ربط منظومات تدريب وتسليح مشتركة بين الجيش السوري والمقاومة ومن جهة مقابلة أطلق ما عرف بربيع دمشق بفتح الباب لحراك سياسي مدني إصلاحي واسع المدى والنطاق على مساحة كل سوريا
- كانت حروب الأسد على مجموع جبهات القتال مترابطة ومتشابكة فلا يمكن نجاح ربيع دمشق دون وجود إصلاحيين حقيقيين يستنجد بهم من صفوف المعارضة والسجون لمواجهة مفاصل التكلس والفساد ولا يمكن بناء ميزان ردع إستراتيجي يحمي خيار المقاومة دون ترسانة دفاع إستراتيجي لن تمنحها له روسيا الخائفة من الضغوط الأميركية ومن مشاريع الحروب التي يعدها المحافظون الجدد الذين تسلموا قيادة أميركا في ذات موعد تسلم الأسد للرئاسة
- خاض الأسد تجارب إصلاحية وإنفتاحية في السياسة والإقتصاد وأفسح في المجال لإختبار قدرات مئات النخب التي يتصدر بعضها صفوف معارضة الخارج اليوم مثل عبد الله الدردري و رياض سيف وعارف دليلة وسواهم لتبوأ مواقع كانت ممنوعة على أمثالهم من قبل كما خاض تجارب تحديثية في بنية الدولة والحزب الحاكم الذي جاء من صفوفه ومؤسساتهما وهو يكتشف يوما بعد يوم أن الجيش هو ضالته الحقيقية و هو الميدان الذي يستحق ان يستثمر فيه جل وقته فهو المؤسسة الوطنية والحزبية الأقل تعرضا للفساد وهو الميدان الأوثق لبناء معادلة جديدة للداخل والخارج
- خاض الأسد تجارب سياسية دولية وعربية عديدة أبرزها السعي لتغيير قواعد اللعبة العربية و الإقليمية عبر منح قطر وتركيا فرص الصعود بقوة ما تمنحه لهما سوريا من موقعها مقابل التمتع بهامش إستقلال عن إسرائيل في المحاور الرسمية والعملية ووصل إلى رؤيا محورها أن إستفزاز إسرائيل وواشنطن المتحفزتان لتغيير البيئة الإستراتيجية بعد إنتصار تحرير لبنان عام 2000 هو المدخل المناسب لمشروعه الكبير فالمحور السوري الإيراني مع المقاومة يشكل مثلثا قادر على التحدي والعواصف الأميركية ستحمل عقدا من الحروب مع تسلم المحافظين الجدد وسيكون للصمود بوجهها دور المخفز للشعوب العربية ولروسيا و لقوى كامنة كثيرة لإنتاج شرق أوسط جديد توضع فيه معادلة الديمقراطية والمقاومة على مائدة واحدة
- جاءت حرب أفغانستان وتلتها حرب العراق وما بينهما نمو القاعدة وظهورها لاعبا دوليا وإقليميا بعد 11 ايلول 2001 و كل يوم يبدو اشد وضوحا أن خوض الحرب على جبهتي المواجهة مع التحديات الأميركية والإسرائيلية العسكرية و منع القاعدة من التمدد يزداد صعوبة و ان خوضهما معا و مواصلة مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد يصل حد الإستحالة حتى وصلت المواجهة مع الغزو الأميركي للعراق إلى ابواب دمشق
- قدم الأسد نقلاته النوعية في رسم قواعد الإشتباك على محاور القتال الثلاثة مع الأميركي والإسرائيلي من جهة والقاعدة من جهة ثانية وتظهير الرهانات الإصلاحية من جهة ثالثة وكانت رعايته لتجربة الرئيس اللبناني إميل لحود في ضفة و التسليح غير المحدود للمقاومة في ضفة مقابلة وتصعيد خطاب عربي جديد من كل منبر وكل فرصة يتحدى بقوة معادلات اميركا وإسرائيل في المنطقة من جهة ثالثة حتى صار رمز الشباب العربي المتوثب للديمقراطية والمقاومة والمتطلع للتغيير وكان خياره في المواجهة على طريقته يوم التمديد للرئيس لحود وهو يرى ساعة النزال الكبير تقترب بقلب الطاولة على خصومه ويفاجأهم بقرار التمديد ويعود ليرد على إغتيال رفيق الحريري ومحاولة جر سوريا إلى فخ التورط بحرب جانبية بقلب الطاولة مجددا بقرار سحب القوات السورية من لبنان ليثبت نظريته حول إنتاج ديناميات إيجابية هائلة من قراره عندما صار العماد ميشال عون حليفا موثوقا بعد حرب تموز 2006 وهو الخصم العنيد للدور السوري فيحل إشكالية العلاقة المسيحية السورية بصورة سحرية فيزداد ثقة بمعادلاته الإستراتيجية الجديدة القائمة على المفاجآت والثقة بالشعب
- كانت حرب تموز 2006 هي حرب الأسد الأولى بإمتياز و قرر خوض غمارها حتى النصر وكان له ذلك ورفض دخول ساحة الإحتفال المتاحة برمي الطلقات الأخيرة فيها لأنه أرادها فرصة لتعملق المقاومة شريكه القادم في كل حروبه وقد إزداد ثقة بان هزيمة إسرائيل ممكنة وقريبة وأن واشنطن لا تملك بعد حروبها حيوية الدولة والمجتمع لحروب جديدة
- خاض الأسد محاولاته مع حركة حماس بكل إيجابية وإيمان وإعتبرها فرصة لتغيير جدي في تنظيم الأخوان المسلمين وإغرائه بدور في ساحة المقاومة لترك موقعه في احضان لغرب وأفسح المجال لوساطات السيد نصرالله معهم وللأتراك ولقادة حماس لتسوية تاريخية تطوي النزاع وتحصن سوريا بالديمقراطية وتحمي خيارها المقاوم وكانت الحصيلة القناعة بأنهم حصان طروادة القادم الذي جرى غعداده لإسقاط سوريا
- نجحت تجاربه في المواجهة ومنها دور صواريخ الكورنيت الروسية في حرب تموز وهو من سلمها للمقاومة في إقناع روسيا بالموافقة على صفقة السلاح الإستراتيجي التي طلبها وبأن تحدي الأميركيين من وراء سوريا ممكن ومنتج ومجدي
- عندما بدأ ما عرف بالربيع العربي كانت سوريا جاهزة لتكون ساحة المواجهة الكبرى ففيها رصيد بنته تنظيمات القاعدة من دورها في الإشتباك مع الأميركي وكانت بنى النظام المتكلسة قد بنت رصيدها من الحاجة إليها في قلب الحرب القادمة و كان الأميركي والإسرائيلي يستردان انفاسهما بتسليم تركيا وقطر و تنظيم الأخوان المسلمين بمن في ذلك حماس مهمة إسقاط سوريا
- مرة أخرى وجدها الأسد فرصته التاريخية لمواجهة مفتوحة طويلة مع الأميركي والإسرائيلي والقاعدة و الفساد والتكلس في النظام وهو واثق من تلبية الشعب السوري والعربي لمتطلبات معركته رغم المراحل الصعبة التي ستشهدها وحملات التشكيك التي طاولت صحة وفاعلية خياراته بين المقربين والمؤيدين قبل الخصوم
- ليلة أمس على قناة المنار وخلال دقائق لا تتعدى الثلاثين كان الأسد يحتفل بنصر عبقريته الإستراتيجية فسوريا تتنفس الصعداء بعد حبس أنفاسها سنيتن متتاليتين وهي تحقق إنتصارات جيشها في الميدان والنجاح في الفوز الديبلوماسي الساحق و تستعد لمرحلة جديدة محورها مد اليد للإصلاحيين الذي يرفضون التحول إلى جواسيس للغرب وخدم لمال الخليج و منبر للقاعدة من جهة وحرب ضروس على القاعدة و الأخوان المسلمين تقدم الدروس للعالم في كيفية مواجهة من يدعي الإسلام والتحرر ولم يطلق طلقة واحدة على إسرائيل وإستعداد لحرب مع إسرائيل من بوابة فتح جبهة الجولان بعدما تلقفت روسيا الفرصة التاريخية التي منحها إياها من بوابة المتوسط بلا كلفة وتوفرت عبرها لسوريا أسلحة الدرع الكاسر للتوازنات
- نصر الأسد متعدد الوجوه و حروبه مليئة بالمفاجآت
ناصر قنديل
31/5/2013
nasserkandil@hotmail.com
لقراءة المقال باللغة الانكليزي
http://top-news.me/en/share.php?art_id=358
لقراءة المقال باللغة الفرنسية
http://top-news.me/fr/share.php?art_id=38
2013-05-31 | عدد القراءات 22104