الملخص :
- الحرب الأشد خطرا كانت ولا تزال وستبقى هي حرب الفتنة المذهبية بقسمة الشعوب بين سنة وشيعة يتقاتلون مئة عام كما بشر هنري برنار ليفي بتحديد مفهوم الربيع العربي
- بمصر وحدها يكون لهذه الحرب فرصة وبدون مصر لا تكون هذه الحرب فلا قتل الشيخ البوطي ولا الحملات على الأزهر ولا تطاول أحمد الأسيرعلى سيد المقاومة ولا توحيد قطر والسعودية ولا شتائم حكام الخليج لحزب الله كان لها أن تفعل شيئا لولا وجود الأخوان المسلمين من موقعهم الممسك بمصر في قلب هذه الحرب وإعتلائهم منبرها وتبوئهم سدة التعبئة فيها
- أسوأ الفرضيات تتحدث عن حرب اهلية تنتظر مصر وأكثر السيناريوهات تشكيكا يردينا ان نناقش الدرو الأميركي والسعودي في صناعة التغيير
- مهما إختلفنا على تفسير الذي جرى يمكن ان نتفق أنه لا يصب الماء في طاحونة الفتنة بل يوقف جريان مائها لأنها مصر ولأنهم الأخوان و بدونهما معا لا فتنة ولا من يفتنون
- مصر تسقط مشروع هنري برنار ليفي عراب الربيع العربي و داعية حروب المئة عام لبلادنا
- تحيا مصر ويحيا شبابها وشعبها وجيشها
النص الكامل :
مصر تسقط ليفي
- في النقاش الدائر حول ما جرى في مصر وما سيجري تضيع احيانا بوصلة النقاش ليصير النقاش ترفا أو تبحرا في الغيب أو طلبا للمستحيل أو سفسطة كلام
- لتصويب النقاش نسأل هل مبرر النقاش هو مجرد إستكشاف أكاديمي لمستقبل مصر السياسي والإقتصادي وهويتها في الجغرافيا السياسية لمنطقة من أدق مناطق العالم لتسهيل عمل الباحثين ؟
- الأكيد أن الأهم بالنسبة إلينا هو تحديد طبيعة الحرب الدائرة في المنطقة ومكانة مصر فيها وبالتالي تتحدد طبيعة المقلق والمطمئن في التغيير الجاري في مصر وإلا صار النقاش عبثيا بلا منهج
- منذ موجة الهبات الشعبية التي سميت بالربيع العربي وما أفضت إليه سياسيا والتي كانت تغييرات مصر أبرز ما حدث في قلبها حتى صار التغيير حدثا و السؤال هو هل نحن أمام مجرد ثورات شعبية عنونها الحرية والديمقراطية ؟
- لم يكن كافيا لإثبات إرتباط ما جرى وما يجري بمشروع كبير يستثمر غضب الناس ويوظفه كطاقة فعل تغطي تغييرات هيكلية في هوية الأمة وشعاراتها وقضاياها وهي تغييرات قد جرى إعدادها في الكواليس وتهيأت لإنجازها قوى عملاقة عريقة البنى و واسعة القدرات والإنتشار
- لم يكن كافيا طرح السؤال عن كيفية إلتصاق ثورات الديمقراطية والحرية بلحى حكام الخليج ولا عن كيفية تحول قنوات التمويل الخليجي إلى منابر للثورات ولا كان كافيا السؤال عن تفسير المدى الذي فتحته الجيوش لحدوث التغييرات ولا عن لماذا التمييز بين ثورات وثورات كما هو حال إستثناء الثورة المظلومة في البحرين من كل دعم ورعاية وحتى إعلام ولا كان كافيا السؤال عن سبب الفرح والتبني الأميركي وصولا للتورط الأطلسي في ليبيا عندما إستعصى التغيير ولا عن سبب التصفيق الإسرائيلي رغم ان من يتدحرجون هم اصدقاء لم يخونوا عهودهم معها ؟
- عندما إنفجر الوضع في سوريا وتبلور الإستقطاب الإقليمي والدولي وأخذ مداه وبدا اننا امام حلفين دوليين إقلميين كبيرين يتسابقان على ملء الفراغ الإستراتيجي في المنطقة إستباقا للإنسحاب العسكري الأميركي الذي نفذ جزؤه الأول من العراق وبقي جزؤه الأهم من افغانستان بدأ النقاش يستقيم نسبيا على سطح مائدة الجغرافيا السياسية
- عندما هزم حلف الحرب على سوريا بالفشل في تحقيق هدف الحرب وهو تغيير موقع سوريا في جغرافيا المنطقة وبات التفاوض بين الحلفين قدرا لا مفر منه دنت ساعة الوجبة الثانية من التغييرات فالنخب الثقافية والسياسية والعسكرية التي تساهلت مع الحكام الجدد رغم غربتهم عن بيئتها وتناقضهم مع مشروعها الداخلي لبلادهم إستشعرت نفاذ وقود الوظيفة الإقليمية لهؤلاء الحكام وتيقنت من تحولهم عقبة أمام مجرد عيش بلادهم بعد التنازل عن الطموحات والأحلام التي تزامنت مع حقبة الحرب عندما ظهر محمد مرسي الزاحف إلى دمشق كأنه محمد علي باشا ورجب اردوغان كأنه السلطان محمد الفاتح
- الحرب الأشد خطرا كانت ولا تزال وستبقى هي حرب الفتنة المذهبية بقسمة الشعوب بين سنة وشيعة يتقاتلون مئة عام كما بشر هنري برنار ليفي بتحديد مفهوم الربيع العربي ووظيفته الإستراتيجية في حسابات الغرب ولهذا حلمت إسرائيل بما هو ابعد من كامب ديفيد وأكثر من امن الجوار بل أن تكون حرب الشيعة والسنة بديلها للخرب على إيران وتفتيتها ومعها سوريا والعراق وكل المنطقة والتفرج عن بعد على إقتتال مميت بين الطوائف المتحاربة
- شرط هذه الحرب أن تكون الطائفة السنية على أعلى درجات التوتر والإستنفار العصبي في مناخ من الإشتباك الذي تضيع معه بوصلة فلسطين والصراع مع الغرب وإسرائيل وتصير فيه إيران هي العدو والمشروع المعادي هو وهم مشروع شيعي يجري الترويج لوجوده و الدعوة لقتاله وربط النصر عليه بنهاية الحرب على سوريا بإسقاط جيشها ورئيسها
- تحقيق هذا الشرط يتوقف على ثلاثة ركائز : الأولى وحدة قوى وقيادات الطائفة النسية السياسية والدينية الأبرز والثاني إمساك المرجعيات الدينية في الطائفة المنخرطة بهذه الحرب بدفة الفتوى و الخطاب إزاحة من يقفون عثرة في الطريق والثالث جعل كل حدث في مبتدئه وخبره مرتبطا بخطاب ديني وعمق مذهبي و تتويجه بالحرب على المقاومة بإعتبارها قوة الشيعة وليست قوة الأمة على عدوها الذي يحتل فلسطين والمقدسات
- أي تدقيق بهذه الشروط يصل إلى نتيجة واحدة هي انه بمصر وحدها يكون لهذه الحرب فرصة وبدون مصر لا تكون هذه الحرب فلا قتل الشيخ البوطي ولا الحملات على الأزهر ولا تطاول أحمد الأسيرعلى سيد المقاومة ولا توحيد قطر والسعودية ولا شتائم حكام الخليج لحزب الله كان لها أن تفعل شيئا لولا وجود الأخوان المسلمين من موقعهم الممسك بمصر في قلب هذه الحرب وإعتلائهم منبرها وتبوئهم سدة التعبئة فيها
- رغم أن موقع مصر ومكانتها بعد سيطرة الأخوان المسلمين على الحكم فيها كما ترحيلهم من سدة القرار فيها أكبر بكثير من حرب الفتنة ومستقبلها ورغم ان ترددات التغيير فيها تبدا من تركيا ولا تنتهي في تونس والمغرب فإن البوصلة تبقى هي مستقبل هذه الحرب بعد ما جرى ويجري في مصر
- أسوأ الفرضيات تتحدث عن حرب اهلية تنتظر مصر ويراد لنا الإستغراق في النقاش حول إحتمالاتها للوصول ربما إلى إعتبار ما جرى سلبيا وأكثر السيناريوهات تشكيكا يردينا ان نناقش الدرو الأميركي والسعودي في صناعة التغيير بهدف الوصول إلى إستنتاج مفاده أن لا شيئ يستحق النقاش فالذاهب والآتي في خانة العداء ونحن نقول الجوهري يبقى ولو أخذنا هذه الفرضيات والسيناريوهات بالإعتبار هو الجواب عن سؤال : هل تراجعت أم تصاعدت فرص حرب الفتنة بإزاحة الأخوان المسلمين عن سدة الحكم في مصر وتبوأ رموز عسكرية وعلمانية المركز الأبرز في صناعة السياسة فيها ؟
- هنا يسهل الجواب والحكم فلا يستطيع عاقل ان يقول ان أميركا والسعودية قامتا بالتغيير الذي يجعل الحرب أشد ومناخات التعبئة فيها اقوى فاي فتنة يصلح السيسي والبرادعي لإطلاق مشاعلها ؟ فإن كانتا قد قامتا بالتغيير فعلا والوقائع لا تقول أبعد من انهما تحاولان إحتواءه ورسم سقوفه ، لكن لو سلمنا جدلا فالمترتب على ذلك هو إعلان نهاية آخر فصول الحرب الفتنة في المنطقة فلا فتنة بلا مصر ولا فتنة بلا السيطرة على الأزهر ولا فتنة بلا وحدة السنة على قضية عنوانها الصراع على الشيعة ولا فتنة بلا تمترس اللحى الصفراء في سدة القرار وواجهة الأحداث
- مهما إختلفنا على تفسير الذي جرى يمكن ان نتفق أنه لا يصب الماء في طاحونة الفتنة بل يوقف جريان مائها لأنها مصر ولأنهم الأخوان و بدونهما معا لا فتنة ولا من يفتنون
- مصر تسقط مشروع هنري برنار ليفي عراب الربيع العربي و داعية حروب المئة عام لبلادنا
- تحيا مصر ويحيا شبابها وشعبها وجيشها
ناصر قنديل
8/7/2013
nasserkandil@hotmail.com
2013-07-08 | عدد القراءات 16292