كتب ناصر قنديل - التغييرات السورية متتالية

الملخص : 
- تزامنت تغييرات القيادة القطرية لحزب البعث في سوريا مع تغييرات في قيادة الإئتلاف المعارض 
- يمكن لإستقراء هادئ لمغزى التغييرين إستكشاف ماهية التطورات المرتقبة في سوريا 
- التغيير في الإئتلاف تعبير عن إمساك سعودي بدفة القرار بدلا من قطر وتركيا لكن الأهم بربطه بإنهاء حقبة القيادة الأخوانية والسلفية 
- الإتجاه هو لتجريد  المعارضة الرسمية من ثقليها الشعبي الأخواني والعسكري السلفي للتحول لديكور سياسي اعلامي
- على ضفة حزب البعث ترحيل  القيادة السابقة التي كانت تنأى بتفسها عن الأزمة  والمجيئ مكانها بقيادة تولت بأغلبها مسؤوليات ميدانية وإدارية يعني عسكرة الحزب
- الإنتقال إلى الحزب المقاتل تعني التهيؤ لمعارك عسكرية تبدو حلب المسرح الأهم المقبل لأضخمها 
- تشير التغييرات إلى إنتماء القيادة الجديدة إلى التيار الذي يحمل إنتقادات قاسية لتبرجز الحزب و بيروقراطيته 
-  سوريا تستعد لمرحلة تكون فيها دولة البعث مؤهلة للحسم العسكري والتنافس الإنتخابي 
- التفاوض يجري على صفيح ساخن يتواصل فيه الضغط و صيحات العسكرة
- إذن تغييرات لملاقاة سوريا الأسد 2014 بحكومة إئتلافية وبرلمان تعددي لا مكان  للأخوان و الحرب على القاعدة عنوان
 
النص الكامل :
التغييرات السورية متتالية
 
- تزامنت تغييرات القيادة القطرية لحزب البعث في سوريا مع تغييرات في قيادة الإئتلاف المعارض و يبدو مستحيلا عدم ربط التغييرين بالمتغيرات في المشهد السياسي 
- يمكن لإستقراء هادئ لمغزى التغييرين إستكشاف ماهية التطورات المرتقبة في سوريا و كيفية إستعداد كل من الفريقين المتواجهين لملاقاتها و إستقراء طبيعة الرسائل التي حملتها مواجهة السنتين عن المطلوب ملاقاته و الإستعداد له وما يجب تغييره في البنية للتمكن من تحقيق أعلى الأرباح أو الوقوع في أقل الخسائر 
- ماهية التغيير الرئيسي في الإئتلاف المعارض تركزت على الزج بكتلة جديدة من عشرين عضو في الهيئة العامة لإغراق المجموعة الأخوانية المهيمنة و صولا إلى تمكين هذه المجموعة الجديدة التي يقودها ميشال كيلو وتضم ممثلين للمخابرات السعودية يتزعمهم احمد الجربا من تولي رئاسة الإئتلاف بشخص جربا وهذا يعني أن التغيير يقوم على إبعاد الأخوان عن القرار وتحجيمهم على إيقاع التغيير المصري و التأقلم مع نهاية الحقبة الأخوانية من جهة وإستبدال نموذج العنوان الديني الوسطي بين الأخوان والسلفية الذي مثله أحمد معاذ الخطيب بنموذج يتحمل أعباء الإشتباك العلني مع مفردات القاعدة من جهة أخرى
- التغيير في الإئتلاف تعبير عن إمساك سعودي بدفة القرار بدلا من قطر وتركيا لكن هذا لا يفيدنا في فهم مغزاه السياسي إلا بربطه بإنهاء حقبة القيادة الأخوانية والسلفية من قيادة رسمية للمعارضة تنعقد عند إطارها موارد المال والتسليح والتعامل السياسي من دوائر الغرب و الخليج وهذا يعني من جهة محاولة تخفيف خسائر إنهيار المشروع الأخواني عن المعارضة والسعي لتحييدها عن تداعيات الصراع المفتوح بين هذا المشروع في كل من مصر وتركيا مع العلمانيين واللبراليين في المجتمع والجيوش والمدعومين من الغرب ايضا كما يعني من جهة اخرى التحسب لملاقاة مرحلة التصادم الداهم يوما بعد يوم مع مفردات القاعدة المتعددة في جسم المعارضة وهو تصادم بدات تباشيره بغض النظر عن التفسيرات المجتزأه لمغزاها
- هذا التغيير إذا رغم كل ما قيل فيه هو محاولة دفاعية للنأي بالنفس عن اضرار قادمة و التخفف من اعباء ماضية و الإستعداد لتشققات في النبية الشعبية والعسكرية يجب أن يبقى الرأس السياسي بعيدا عنها أو ان يكون على ضفة أحد مكوناتها الأكثر إنسجاما مع الرؤيا المستقبلية للمنطقة حيث لا مكان لمشروع الأخوان وحيث التصادم مع القاعدة 
- في إسقاط هذا التهيؤ على مكونات و فاعلية قوى المعارضة نستتنج ببساطة أن الإتجاه هو لتجريد  المعارضة الرسمية من ثقليها الشعبي الأخواني والعسكري السلفي وما يعنيه ذلك من تهميشها في الداخل السوري السياسي والعسكري وتحويلها لمجرد عنوان خارجي قد يصلح للجلوس على كرسي التفاوض بلا قدمين في الميدان العسكري يؤهلها للتشارك في وقف نار وبلا يدين في السياسة تؤهلها لخوض إنتخابات 
- إن المبالغة بالتأثر بتصاعد الضجيج عن التسليح والهجوم المعاكس وإستعادة التوازن العسكري لما قبل معركة القصير قد نثر غبارا منع الكثيرين من  رؤية هذه المعادلة الجديدة والتوهم ان ما جرى في جسم الإئتلاف هو خروج من مرحلة التشرذم والضعف إلى مرحلة من التماسك والقوة 
- الإئتلاف يستعد للتحول إلى يافطة خارجية لحضور مؤتمر  جنيف بقيادة سعودية بعد التخفف من جسميه الشعبي والعسكري والتخلي عن أوهام الحسم العسكري والتنافس الإنتخابي للرضا بدور يرسم من  فوق في سوريا الجديدة 
- على ضفة حزب البعث نستطيع الإستقراء أيضا من ماهية التغيير أن ترحيل كل رموز القيادة السابقة التي كانت بقادتها البارزين تنأى بتفسها عن الأزمة وتروج لكونها أزمة الجيش والأمن و إستطرادا الرئيس وليس الحزب والمجيئ مكانها بقيادة تولت بأغلبها مسؤوليات ميدانية وإدارية كمفاصل في خوض الحرب  جنبا إلى جنب مع الجيش والأمن وتحت راية الرئيس يعني إنهاء مرحلة القتال بالجيش منفردا أو بالجيش وبعض التعبئة الشعبية للإنتقال إلى مرحلة الحزب المقاتل الذي جسد تجربته في حلب أمين فرع الحزب الذي جاء أمينا قطريا مساعدا في التغييرات الجديدة 
- الإنتقال إلى الحزب المقاتل تعني التهيؤ لمعارك عسكرية ضخمة تتسع جبهات القتال فيها للجيش والتعبئة الشعبية وآلاف المقاتلين البعثيين الذين ستتولى القيادة الجديدة تعبئتهم وتنظيمهم وهي معارك بانت مقدماتها في حسم حمص وريف دمشق وتبدو حلب المسرح الأهم المقبل لأضخمها 
- من جهة ثانية تشير التغييرات إلى إنتماء أغلب رموز القيادة الجديدة إلى التيار الشعبي  في الحزب أي التيار الذي يحمل إنتقادات قاسية لتبرجز الحزب و بيروقراطيته والأبراج العاجية التي سكنتها قيادته طوال سنوات و التوجهات الإقتصادية اللاشعبية التي سلكتها لحساب التقرب من الرأسمال الطفيلي العقاري والخدماتي من شركات تأجير السيارات والشقق المفروشة والمقاولات والصيرفة و مكاتب السفر وإدارة العشوائيات و ما يقال في كل هذه الظواهر من تحول جزء كبير من القيادة الحزبية القديمة وبطانتها إلى طفيليات إقتصادية على حساب الرأسمال الوطني الصناعي والزراعي خصوصا وعلى حساب مكاسب الطبقات الوسطى والفقيرة التي راكمتها تجربة الحزب في ثلاثة عقود بينما ينتمي رموز القيادة الجديدة إلى فكر البعث التقليدي المتمسك بدور الدولة الإقتصادي وبمكاسب الطبقات الوسطى والفقيرة 
- حزب البعث يفتتح مسيرة نقد ذاتي لإعادة الوصل بقاعدته التاريخية وتوسيعها والتشبيك مع شرائح وضعتها الحرب في ضفة القتال  مع الدولة من موقع وطنيتها وليس تلاقيها العقائدي مع الحزب وخصوصا التيارات الدينية والرأسمالية الوطنية كما يتسعد لمرحلة نوعية من الحسم العسكري والتكامل مع الجيش الذي شكل نواة الحزب الحية في أزمة بدت القيادة الحزبية فيها في حالة موت سريري 
- من إسقاط التغييرين المتقابلين على المشهد السوري سياسيا وبمعزل عن الترحيب و الإنزعاج او قياس الأهليات الفردية للنجاح والفشل يمكن القول ان سوريا تستعد لمرحلة تكون فيها دولة البعث مؤهلة للحسم العسكري والتنافس الإنتخابي في معادلة إصلاحية تمنح قوى المعارضة بمختلف ألوانها نسبة من الحضور السياسي والتفاوضي لتأمين التراجع العالمي والإقليمي عن خيار الحرب على الدولة التي ستكون الشريك الأبرز في الحرب على افرهاب وحيث معيار الإعتراف الدولي بالمعارضين يمر بمدى قدرتهم على فصل صفوفهم وتمييزها عن مكونات القاعدة 
- لا يغير من هذا كون التفاوض يجري على صفيح ساخن يتواصل فيه الضغط و صيحات العسكرة
- إذن تغييرات لملاقاة سوريا الأسد 2014 بحكومة إئتلافية وبرلمان تعددي لا مكان فيهما للأخوان ولا حوار مع مفردات القاعدة إلا بالسلاح 
 
ناصر قنديل

18/7/2013

nasserkandil@hotmail.com

 
 

لقراءة المقال باللغة الانكليزية

http://top-news.me/en/share.php?art_id=402

لقراءة المقال باللغة الفرنسية

http://top-news.me/fr/share.php?art_id=81

 
 

2013-07-18 | عدد القراءات 18109