كتب ناصر قنديل - أكراد سوريا

الملخص :
- لنبدأ من حيث تجب البداية هل توجد في سوريا مسألة كردية ؟
- المسألة الكردية في العراق وتركيا حيث الجغرافيا التاريخية لكردستان وليس في سوريا كملاذ نزوح  لهم من قسوة الطبيعة وقسوة المعاملة
- الحكم الذاتي والفدرالية والإنفصال يشترطها وجود جغرافيا تاريخية وتواصل سكاني ونقاء عرقي ليسوا في حالة أكراد سوريا
- في سوريا للأكراد حق الجنسية وحق تعليم اللغة وبناء المدارس والخصوصية بالأعياد التقليدية و كوتا نيابية و تمثيل وزراي وتشكيل أحزاب سياسية و إنتخاب مجالس إدارة البلدات والقرى ذات الأغلبية الطاغية منهم 
- في قلب الإشتباك  الكبير لم يتآمر الأكراد على بلدهم سوريا وبقوا بمن في ذلك من إلتحق بجسم المعارضة منهم نتوءا يصعب هضمه وإبتلاعه 
- في المواجهة التي يخضوها السوريون الأكراد مع جبهة النصرة يعبرون عن وطنية سورية ولو رفعوا شعار الحكومة المحلية فهذا يسهم بتقويض مشروع الأطلسي والخليج و تركيا
- عندما تنتصر الدولة السورية على قوى الحرب الحقيقية سيكون ممكنا التوصل لصيغة توافقية مع السوريين الأكراد لترجمة صيغ تحقق لهم الرضا وتحفظ الوحدة الوطنية للتراب السوري والصيغة الواحدة للدولة السورية 
 
 
النص الكامل : 
أكراد سوريا 
 
- لنبدأ من حيث تجب البداية هل توجد في سوريا مسألة كردية أم مسألة سوريين من اصول كردية أم "أكراد سوريين أو سوريين أكراد" أم أكراد سوريا ؟
- لإثنتان لا نستطيع القول نعم لهما : وجود مسالة كردية أي وجود ارض هي جزء من كردستان صافية السكان وتاريخية التجذر في بيئتها الثقافية والسياسية القومية المستقلة كما هو حال كردستان العراق وتركيا من جهة و سوريين من اصل كردي أي مواطنين تجذروا بوطنيتهم السورية وذابوا في حضارتها العربية ولا زالوا يحملون بعضا من خصوصية ثقافية تتمثل بالتقاليد والعادات الخاصة واللغة القديمة والطقوس كما هو حال الكلدان والأشوريين والسريان وسواهم من ديانات أو ثقافات شكلت جزءا من النسيج الحضاري للعروبة كما شكلت مكونا عضويا في الشخصية السورية فهم ليسوا سوريين من أصول كردية طالما أن جزءا لا يستهان به من المعنيين من الناس المنتمين لهذه الشريحة ينظر لتكوينه وهويته بطريقة مزدوجة تقارب نفسيا وسياسيا حال أخوتهم في العراق ولا ينظر لرابطته بهم كمرتبة ثانية بعد رابطة الوطنية السورية بل تتقدم عليها احيانا او تساويها 
-  في حالة العراق وتركيا منزلة بين منزلتين أي أكراد العراق وأكراد تركيا لكن من منطلق وجود مسألة كردية كهوية قومية تتطلع نحو كيانها الخاص وبحد ادنى صيغة فدرالية تربطهم بمواطنيهم غير الأكراد في العراق او تركيا من جهة وببعضهم من جهة اخرى أي اكراد العراق وتركيا معا حيث كردستان الجغرافيا الطبيعية التاريخية  وحالهم خلافا لتجمعات كردية نزحت بفعل قسوة الطبيعة وقسوة المعاملة نحو منخفضات وسهول وبادية وسوريا وإيران وبالتالي ثمة منزلة بين منزلتين أيضا في حالة سوريا وإيران هي أكراد ينتمون لهوية وطنهم السوري او الإيراني فيصيرون سوريين أكراد أو اكرادا سوريين بهوية مزدوجة ومثلها في حال إيران ولهم حقوق ثقافية أكيدة لحماية هويتهم وخصوصيتهم و لهم حق الترابط بأصولهم في ولايتين كرديتين فدراليتين في العراق وتركيا أو بدولة كردية مستقلة تشكل بلدهم الأصلي كما هو حال الأرمن السوريين مع ارمينيا أو يصيرون أكراد سوريا وإيران المخيرين بين الإندماج بهويتهم الوطنية فيصيرون أكرادا سوريين أو يصرون على هويتهم كأكراد سوريا يحملون هوية بلدهم الموحد لاحقا بصيغة دولة جغرافيتها موزعة بين تركيا والعراق و يحملون هويتين في وقت واحد ويقبلون في سوريا مواطنة سورية وغالبا يتصرفون عندما يزورون الوطن الأم كمواطنين أكراد فيه كما هو حال بعض من الأرمن الذين حملوا الجنسية الأرمنية لأرمينيا وبقوا  يحملون جنسية البلد الذي إنتسبوا عبر الهجرة اولتوطن لهويته وخصوا هنا الحديث عن سوريا 
- الحالان يعنيان طالما يقيم الأكراد في سوريا أنهم ليسوا اكراد سوريا بل يصبحون كذلك في أربيل أو ديار بكر وهم في سوريا يبقون طالما اختاروا جغرافيتها لسكنهم وعملهم وتعليم أولادهم أكرادا سوريين او سوريين أكراد بمفهوم الهوية الوطنية السورية والهوية الثقافية للقومية الكردية وحق ممارسة الشعور بالهويتين 
- الحكم الذاتي كما الفدرالية كما الإنفصال هي حقوق أو صيغ تصلح في حالة واحدة هي حالة أكراد العراق او تركيا وفقا لتبدل الأحوال والظروف والمصالح وموازين القوى وليس تباعا للحقوق وتغير التوصيف للجماعة الكردية فالأصل في الصيغ الثلاثة أنها تمنح لأقلية  قومية مستقلة في جغرافيتها التاريخية الموجودة ضمن حدود دولة كبرى قد يرغبون بالإنفصال عنها أو بالبقاء ضمنها بصيغة فدرالية أو صيغة حكم ذاتي والخيار هنا ناجم إما عن ضعف أو غنى الموارد الذاتية للإقليم الذي تشغله الجماعة أو لقوة او ضعف الدولة المركزية او لتوازن العدد والمساحة في تشكيل ديمغرافيا الجماعة في الدولة الكبرى لكن هذه الصيغة السياسية بأوجهها الثلاثة تتصل حصرا بالجماعة القومية المستقلة والمتواصلة في جغرافيتها التاريخية وهذه ليست حال الأكراد في سوريا 
- في سوريا للأكراد حق الجنسية وحق تعليم اللغة وبناء المدارس والخصوصية بالأعياد التقليدية و كوتا نيابية و تمثيل وزراي وتشكيل أحزاب سياسية و إنتخاب مجالس إدارة البلدات والقرى ذات الأغلبية الطاغية منهم وتشكيل إتحادات بلدية لهذه المجالس لتسهيل التواصل وتبدال الخدمات والخبرات لكن لا حكم ذاتي ولا فدرالية ولا إنفصال حكما حتى عند قيام الدولة الكردية بين أكراد تركيا والعراق في الجغرافيا التاريخية لكردستان فحالهم يبقى مع فارق التواصل الجغرافي بالدولة القومية الأم كحال الأرمن مع ارمينيا 
- السوريون الأكراد أو الأكراد السوريين ليسوا أكراد سوريا إلا في أربيل وديار بكر أما في سوريا فلا وهذا يعني ان ما قامت به اللجان والجماعات الكردية من إعلان حكومة ليس تعبيرا عن حق او سلوك مطابق لمنطق والعلم والتاريخ
- في قلب الإشتباك  الكبير والحرب التي يخوضها الحلف الدولي الإقليمي على سوريا ادى الأكراد تجارب مختلفة منها ما كان إستغلالا لضعف الدولة المركزية وإنشغالها بهموم الجبهات والحرب لمارسة أشكال من التلون السياسي والعسكري والتذاكي الأمني بين خياري المعارضة والدولة لكن الجوهري والأساسي بقي رغم الإغراءات الخارجية ورغم تشوش صورة التعامل التاريخي بينهم وبين دولتهم الوطنية السورية ووجود صفحات مؤلمة فيها أنهم لم يتحولوا إلى ذراع للمشروع الأجنبي ولم ينسوا أن قضيتهم الرئيسية كجماعة تبقى بالمواجهة الدائرة في تركيا فحتى في ظل الهدنة في تركيا مع الأكراد ومساعي المصالحة لم يفتح السوريون الأكراد طرقا مع تركيا للتآمر على بلدهم سوريا وبقوا بمن في ذلك من إلتحق بجسم المعارضة منهم نتوءا يصعب هضمه وإبتلاعه 
- في المواجهة التي يخضوها السوريون الأكراد مع جبهة النصرة والجيش الحر يعبرون عن وطنية سورية ولو رفعوا شعار الحكومة المحلية فهذا مؤقت ويمكن التعايش معه بإعتباره تقويضا لمشروع حكومة المعارضة المسلحة وميليشياتها ومنازعة لها على الجغرافيا والناس والسيادة وخلق شعار يسمح بخوض هذه المواجهة بأعلى درجاتها 
- عندما تنتصر الدولة السورية على قوى الحرب الحقيقية سيكون ممكنا التوصل لصيغة توافقية مع السوريين الأكراد لترجمة صيغ تحقق لهم الرضا وتحفظ الوحدة الوطنية للتراب السوري والصيغة الواحدة للدولة السورية 
- لا مبرر للقلق من الخطوة الكردية ولا داعي لتزج الدولة السورية قواها في مواجهة ليست هي المعني بها حتى يحين اوان آخر يكون ما تبقى من قوى الحرب قد تلاشى وتكون الدولة السورية الجديدة قادرة على الإتساع لكل مكوناتها وإستردادهم 
 
ناصر قنديل

21/7/2013

nasserkandil@hotmail.com

 

2013-07-21 | عدد القراءات 15298