تُجمع الأطراف الفاعلة في الشأن السوري أن ما بعد موسكو 2 ثمة جنيف 3 في الانتظار كخطوة لاحقة تبني عليها مواقفها وربما أحلامها ومشاريعها , وما بين موسكو الروسية وجنيف السويسرية ثمة من يراقب ما يدور في نيويورك الأميركية , من حوارات هادئة تارة ونقاشات حامية تتحول لصراعات غير معلنة تارة أخرى لا تخلو من تمرير مشاريع قرارات لغايات سياسية ربما أو رغبة بالاستثمار المستقبلي.
مع تمرير المشروع الخليجي في مجلس الأمن حول اليمن وامتناع روسي عن التصويت , انتشى صقور المعارضة السورية الذين لطالما راودتهم الأحلام والآمال بأن تغفو عين المارد الروسي والصيني ولو لمرة واحدة في قرارات مماثلة حول سورية بدلاً من إسقاطها بالفيتو المزدوج لأربع مرات.
القرار الأممي لقي ارتياحاً وسط ائتلاف المعارضة السوري الإسم السعودي الهوى التركي الجنسية على مبدأ "القرعة تتباهى بشعر بنت حماها" فسارع للترحيب بالقرار والتهليل له كخطوة في سبيل إنهاء معاناة الشعب اليمني كتلك المعاناة التي يعانيها الشعب السوري مطالباً الدول الصديقة ببذل الجهود اللازمة لتمرير قرار مشابه في سورية ويذلل العراقيل التي تضعها الدول التي لم يسمها الائتلاف أمام السير في المشروع الخليجي في سورية.
مطالب الإئتلاف لم تأت من فراغ ولا تمنيات بل من قرائته للمشهد من زاوية الرغبات والأمنيات , وربما مما يشاع عن رغبة سعودية قطرية تركية بموافقة أميركية , بتشكيل ائتلاف حزم جديد يحقق للإئتلاف أحلامه منذ سنوات بشن غارات على الأراضي السورية لإعادة دمشق لرشدها كما أعلن عسيري السعودية عن غاية حزم بلاده بحق الحوثيين , ولكن بين الرغبات والمقدرة فرقٌ شاسع تماماً كالفرق بين الأحلام والواقع ولعل الائتلاف يتجاهل منطق القدرات والإمكانيات التي تُشن وفقه الحروب فيما يترك منطق الرغبات للخطب الرنانة والبيانات التي لا تساوي قيمتها الحبر الذي يكتب بها.
ما تعلنه مراكز الدراسات وتحليلات الصحف على استحالة تورط السعودية وحلفائها بمغامرة في سورية وآخرها ما نشرته الفايننشال تايمز عن استحالة هزيمة الجيش السوري في أي مواجهة عسكرية وأن الضغط على دمشق لا يتعدى الدفع نحو الدخول في تفاوض سياسي ربما حقائق تحبط الائتلاف وداعميه وتدفعهم للهاث وراء الأحلام والأماني.
ليس أحلام ما في الأجواء والسماء وحدها التي تحبط الإئتلاف فالرسائل القادمة من الأرض السورية لا تبشره بالخير فادلب التي ارتضى بأن يستثمر سيطرة النصرة عليها في السياسة ويبارك في السياسة جهود النصرة على الأرض يسير الجيش العربي السوري نحو استعادتها قرية بعد قرية تاركاً له البكاء والعويل ، قثوب عيرة النصرة لم يمنحه حرارة نصر لم ينجزه ، وما يجري في ريف حلب ليس بأحسن حال من أخبار إدلب بالنسبة للائتلاف وهو ما يفسر حملة التضليل التي يقوم بها إعلام آل سعود بحق ما يجري في حلب وتصوير المدينة خارج نطاق سيطرة الدولة وغياب مؤسساتها وهروب كبار ضباط الجيش وغيرها من أحلام آل سعود ومن لف لفيفهم.
في السياسة لا يقل مأزق الائتلاف عن ما يجرى على الأرض بعد التأكيد على نجاح ملتقى موسكو 2 كمدخل يبنى عليه في جنيف 3 بغياب الائتلاف وسط التأكيد الروسي بأن من شارك يشكل 60 بالمئة على الأقل من تمثيل المعارضة ما يعني أن من قاطع وحدة الخسران في قطار التسويات على طاولة المفاوضات.
في السياسة وعلى الأرض يدرك الائتلاف صعوبة تمرير المشاريع السعودية في الساحة السورية , فسورية التي صمدت بوجه مشاريع التذاكي السعودي الخليجي لن تسقط في مرحلة قطف ثمار صمودها ببهلوانيات صبيانية لا تسمن ولا تغني عن جوع.
2015-04-15 | عدد القراءات 2182