فيما تدخل الحرب السعودية العبثية على اليمن أسبوعها الرابع تتصدر استقالة المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر المشهد ,عقب كلام عن فشله في أداء مهمته وانتقادات خليجية لبن عمر بالانحياز لصالح الحوثيين.
استقالة بن عمر تأتي عقب يوم من تعيين الرئيس المستقيل العائد لمنصبه والفار إلى الرياض عبد ربه منصورهادي ، رئيس الحكومة خالد بحاح كنائب له وهو ما يطرح تساؤلات عدة حول توقيت الاستقالة ،والدور المنوط بالمبعوث الأممي الجديد الذي ترجح الأوساط الأممية أن يكون الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ أحمد والمستجدات الطارئة التي دفعت بن عمر للاستقالة بعد أربع سنوات قضاها كمبعوث أممي في اليمن.
استقالة بن عمر تعيد للأذهان استقالات المبعوثيين الأممين إلى سورية كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي , عنان الذي رفض تجديد مهمته بالتزامن مع المغامرة التركية العسكرية التي قادها الأتراك في شمال سوريا والتي حشد فيها رئيس حكومة أنقرة آنذاك الرئيس التركي اليوم رجب طيب آردوغان كل ما تبقى من مقاتلي تنظيم القاعدة والمرتزقة من حول العالم لقتال الحكومة السورية في الشمال ،بعد أن كان تكليفه تعبيرا عن توازنات ورهانات محورها الإعداد لسيطرة مسلحي المعارضة على المدن ، ومع فشل المعارضة طويت صفحة عنان وبدأت صفحة الإبراهيمي بالتغطية على الهجوم على دمشق وحلب للمفاوضة على تنحي الرئيس بشار الأسد بقوة سيطرة المعارضة على الأرض , ومع سقوط المهمة وفشل الحرب وخططها سقط الإبراهيمي معها ،حيث بات عبء على أي وساطة وتُرجم رحيله كتعبير عن موازين القوى لتطوى مع الإبراهيمي صفحة الحرب على الدولة السورية وتتحول مهمة المبعوث الجديد لمصالحة دولية إقليمية مع سوريا وكسب ثقة الرئيس الأسد لترجيح كفة الحرب مع القاعدة بدل الرهان على حروب دولية وإقلمية على سوريا وهو ما تشهده فترة المبعوث الدولي ستيفان ديميستورا من انفتاح على الدولة السورية وزيارة الوفود الأوروبية والأميركية وإطلاق ملتقى موسكو التشاوري بنسختيه الأولى والثانية وجنيف بنسخته الثانية وربما الثالثة مستقبلاَ ,وحتى مبادرة تجميد القتال في حلب والتي قتلتها تركيا ومن يدور في فلكها على الأرض السورية وفي فنادق اسطنبول تقوم على منطق رفض الاحتكام للسلاح والمصالحات وتلبية المطالب والمظالم من بوابة الإعتراف بالحكومة السورية ممثلاً وحيداً لسيادة الدولة والقانون والشرعية التي تلهث عاصفة حزم آل سعود لتثبيتها في اليمن بقوة الطائرات والصواريخ بعد استقالتها بالتراضي كنتيجة للحوار بين الأطراف اليمنية.
من السفارة اليمنية في الرياض ينسج آل سعود رداءاً مهترءاً فضفاض لشرعية تدرك سقوطها على الأرض اليمنية , قوامها رئيس مستقيل ورئيس حكومة تحضِّره كبديل مستقبلي له , فيما على الأرض جل ما تستطيع القيام به المجازر التي لم تعد قادرة على تغتطيها.
كما أنهت استقالة الإبراهيمي الحرج حول تأجيل عقد جنيف 2 تبدو استقالة بن عمر رداً على مبادرات الحوار والتفاوض لإنهاء الأزمة اليمنية بصورة سلمية سواء التي أطلقتها إيران وفق مبادرة البنود الأربعة أو الدعوة اللبنانية التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري باستضافة حوار يمني في بيروت فكانت الاستقالة رسالة سعودية في السير بخيار الحرب خلال الأيام القادمة منتشية بقرار مجلس الأمن 2216 على أمل إجبار الحوثيين على الحوار بعد كسرهم على الأرض ودفعهم للاستسلام على طاولة التفاوض.
تطورات الأيام القادمة ستحسم خيارات وعناوين مرحلة ولد الشيخ في اليمن سواء باتجاه الحوار والتفاوض أو ترسيخ الحرب والمواجهة البرية وربما تكون مخرجاً تستعيد الرياض عبره بعض من المهابة التي فقدتها في حربها على اليمن وصورة الدولة القوية التي كانت تقود المنطقة بدلاً من الاستعانة بالقدرات المصرية لتغطية حربها في اليمن.
يبدو أن التاريخ القريب يعيد نفسه , فمن عنان إلى ولد الشيخ يبقى العنوان واحد تغير المشاريع يقدم أوراق اعتماد واستقالة مبعوثي الأمم المتحدة بما يرسخ سيطرة القوى الكبرى على سياسات الأمم المتحدة وسقوط كذبة الوسيط النزيه.
2015-04-16 | عدد القراءات 2145