مع تركيا , يعرف الاميريكين جيدا من اين تؤكل الكتف - روزانا رمّال

غريبة و عجيبة هي صحوات المجتمع الدولي بكل فئاته و بمجمل اولوياته فبعد مرور مئة عام تقريبا اي قرن على المجازر العثمانية بحق الشعب الارمني و بعد سكوت تام و مطبق و اعترافات خجولة سعى الشعب الارمني  لانتزاعها و هي حق له لاستعطاف و بذل الجهود المضنية في عدة دول معنية بحقوق الانسان و تتغنى بالديمقراطية لسحب  اعتراف مفاده  بان ما جرى بحقهم ابادة ممنهجة مقصودة لم يستطيعوا حشد ما حشدت الدول من مواقف مؤيدة رسمية هذه المرة و شديدة اللهجة في عدد منها بحق تركيا ابرزها صدر عن الفاتيكان الذي وصف المجازر بالابادة و هي التي تسبب بها  النظام التركي ابان الحكم العثماني الذي تتغنى به و بفتوحاته تركيا بطبيعة الحال .

الصحوة هذه و ان عادت بفائدة محددة على الازمة انسانيا و معنويا على مسامع الشعب التركي الا انه لا يمكن سوى اخذها بعين سياسية بحتة مهما بلغت الامور حدا من الانسانية .

الضغط على الحكومة التركية واضح تماما بهذا الملف بدليل انزعاجها الشديد و التصاريح التي صدرت عن مسؤولين ارتاك رفيعي المستوى يردون فيه على الفاتيكان و من لحق بركبه في هذا الاتهام .

الحملة على تركيا مقصودة و مفتوحة بزمان و ظروف يبدو ان على تركيا اظهار تموضعات جديدة فيها و بالتالي فهي تتلقى رسالة من اابرز الدول الغربية و الاوروبية تعرف جيدا ان مفادها يتعلق بمصير تركيا السياسي .

يلفت بهذا الاطار الكلمة الفرنسية التي القاها رئيس البلاد  خلال  احياء الذكرى المئوية للابادة الارمنية في العاصمة الارمنية يرفان، حيث قال " ان مذابح الأرمن كانت بداية لتطوير آليات الإبادة الجماعية والترحيل المتعمد" .

فرنسا التي تعتبر صرحا من صروح  مؤسسات حقوق الانسان  و حفظتها و ديمقراطيات العالم الحديث " بالعيون الغربية "  فانها لدى تبنيها هذا الموقف  تقول بطريقة او باخرى ان هذا موقفا سياسيا محسوما من فرنسا الا انه بنفس الوقت ترجمة لموقف اميريكي باطنا خصوصا و ان السياسة  الفرنسية مؤخرا فقدت ريادتها في تزعم منابر السياسة الدولية بغياب الصقور عنها منذ وفاة اخرهم جاك شيراك و اليوم فرنسا ليست سوى دولة تترجم الرغبات الاميريكية او تتبعها  و توصل رسائلها خصوصا في الشرق الاوسط و بالتالي فان امتناع اوباما عن اعتبار المجازر " ابداة"  كمصطلح لا يدل فعليا ان موقفه لم يصل و ان الرسالة لم تسمع في انقرة .

عرفت انقرة اليوم ان الحلم انتهى في دخول الاتحاد الاوروبي و و ان مكابرتها وعنفوانها في عدم الاعتراف بهذه الابادة صونا لتاريخ العثمانيين المجيد بالنسبة اليها   ان  هذا الملف سيبقى نقطة سوداء بحقها لسنوات طويلة ما ان لم تعترف فيه و انها على موعد دائم عند كل حدث و متغير سياسي دولي او مطالب تموضع  و مستحقات مطلوبة منها  كفاتورة , تعرف انها على موعد حقيقي  مع الابتزاز  و الضغط .

يبدو ان الغرب بقيادة الولايات المتحدة يعرفون جيدا استغلال الظروف و المناسبات اذا لم يكن اختلاقها من اجل خدمة مصالحها و تحقيق غايتها و اذا كان الضغط على تركيا يعني امرا ما فهو بالتاكيد ضغطا من اجل خضوعها للحلول السياسية  و تقديم ما يمكن لها تقديمه في الشرق الاوسط و الانضواء تحت اللواء الغربي تماما من دون مجاولات التعالي و فرض معادلة خاصة تعطي لتركيا مكاسب و قدرة على التشدد و التعنت  اكثر في ملفات رئيسية في المنطقة ابرزها مكافحة الارهاب و التسهيلات المطلوبة منها و بالتالي فان ذكرى الابادة الارمنية ستؤكد للعالم اليوم انه ليس غريبا عن الاتراك المجازر و دعمها و هي اليوم تعمد لاستخدام نفس الاسلوب و تترجمه بصور عدة بينها تشجيع الارهاب في سوريا و العراق عبر تسهيل ممراته و منافذه و تامينه لوجستيا .

ليس على تركيا  سوى الاعتراف لكي تتخلص من عار سيلحقها دائما اما الاميريكيين فيعرفون جيدا من اي تؤكل الكتف !

 

 

 

2015-04-24 | عدد القراءات 3032