ماذا تريد إسرائيل عسكريا من التصعيد ؟ ... روزانا رمال

لا يخفى إتصال التصعيد الإسرائيلي بالغارات التي إستهدفت منطقة القلمون قبل أيام أو تلك التي إستهدفت مجموعة من المقاومين على الحدود السورية مع الجولان المحتل ، بمحاولة كسر ميزان الردع الذي رسا بعد العملية النوعية للمقاومة في مزارع شبعا وتأهب المنطقة للدخول في حالة حرب ، وتراجع إسرائيل تحت شعار إمتصاص التوتر ، رغم أن إسرائيل قامت بإنتقاء دقيق لهدفها الأول الذي قد يكون فراغات جغرافية لا وجود لسلاح ومستودعات وشاحنات فيها ، لكنها قالت إنها بالواسطة دون إعلان رسمي أنها إستهدفت شحنات سلاح نوعي من سوريا لحزب الله ، وهو العنوان الذي تعتبر إسرائيل بحكم سوايق مشابهة انه من ضمن قواعد اللعبة التي لا تذهب المواجهة إلى حرب ، ومن ضمن الأهداف التي ينظر إليها الغرب كأهداف مشروعة ، وتراها روسيا لعبة من ينجح اولا ، فإن نجحت المقاومة بنقل السلاح مخالفة المسموح ، صار حقا لها ، وإن كشفته إسرائيل واصابته مارست حقا مقابلا .

تعلم إسرائيل رغم التحاذق في الخيار الأول للعمليات ، في القملون ، أن الخيار الثاني لضرب مجموعة مقاومة تحاول التسلل ، يمكن أن يكون في سياق قواعد الإشتباك ايضا ، بإعتبار المنطقة التي إختارتها للغارة تقع قرب خط فصل القوات ، وليست بعيدة لدجرة يصعب تصديق إدعائها ، ومن جهة ثانية يسهل ربط قيام المقاومة أوسوريا او فصائل فلسطينية بعملية التسلل ردا على الغارات الأولى ،

وبالتالي ترسم إسرائيل غاراتها على حافة الهاوية ، وليس في قلب قرار المغامرة بحرب أو الإستدراج إليها .

لكن إسرائيل تعلم أن المردود الإعلامي والمعنوي للغارات ، دون رد موجع سيصيب ميزان الردع ، ويمنحها وضعا معنويا أفضل ، وتعلم لذلك ان المقاومة ستكون مجبرة على الرد ، وتعلم ان هذا الرد سيعني تسخينا للجهات ، ولو بقي تحت عنوان حرب الإستنزاف ، بعمليات محسوبة ، تحت السقف عدم الذهاب للحرب .

تحقق إسرائيل بذلك إعاد تصويب مفهوم ميزان الردع وقواعد الإشتباك ، بإعتبارها ترعى عدم رسم خط أحمر للمقاومة بالتواجد في الجولان ، لكنها ترعى أيضا عدم رسم خط أحمر لإسرائيل بضرب عمليات التسلل ونقل السلاح .

إلى جانب هذا الهدف المتصل بالتوازنات الكبرى ، لابد من أهداف عسكرية تريدها القيادة الإسرائيلية في الأيام الحساسة التي تعيشها المنطقة عشية التوقيع المرتقب نهاية حزيران على التفاهم النووي الإيراني مع دول الغرب بصيغته النهائية ، فتبدو إسرائيل وحليفيها التركي والسعودي في وضعية التأهب والتصعيد ، لفرض حرب إستنزاف ، على محور المقاومة تشكل سببا لصيغة تسوية شاملة لوقفها .

وفقا للخبراء العسكريين يمكن القول بثقة أن إسرائيل تعمل للحصول على قرار أممي يشبه شكلا القرار 1701 على الحدود مع لبنان ، لكنه بديل عنه وأوسع وأكثر شمولا ، فيشكل مقايضة مع سوريا والمقاومة بالتنازل الإسرائيلي عن نظريات الحزام الأمني الذي كانت اوكلته إسرائيل لجبهة النصرة ، ويصير بديلا لإتفاق فك الإشتباك مع الجيش السوري على حدود الجولان المحتل ، بديلا من القرار 1701 على الحدود مع لبنان .

تتطلع إسرائيل لتسخين يضع الجبهتين اللبنانية والسورية على حافة حرب ، فيصير التدخل الدولي ضوروريا لوقف التصعيد ، وإصدار قرار تسعى إسرائيل ليتضمن نشر قوات من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن على خطوط الحدود الدولية مع لبنان وسوريا وفقا لترسيم الأمم المتحدة ، وترك الخلافات للتفاوض ،

سواء فيما يخص خط العام 1967 مع سوريا أو أي نقاط لبنانية ما عدا مزارع شبعا التي ستغادرها إسرائيل مع أي إنسحاب حتى الحدود الدولية مع سوريا لحساب الجيش السوري .

شهران حاسمان تتأرجح فيهما المنطقة على الجبهة مع إسرائيل ، بين إحتمالات الحرب والهدنة والتسويات ، ويبقى مستوى رد محور المقاومة هو الذي يقرر الإتجاه النهائي .

2015-04-27 | عدد القراءات 2768