رغم توجيه النيابة العامة الأميركية تهماً بالقتل لستة من عناصر الشرطة في قضية مقتل فريدي غراي في بالتيمور إلا أن الإحتجاجات الشعبية ما تزال مستمرة في مدن عدة ولم تستطيع قبضة الشرطة الأميركية من إحكام السيطرة عليها في العديد من المدن الكبرى التي انتقلت إليها موجة المظاهرات الساخطة من سلوك الشرطة وأعادت إلى الواجهة ملف انتهاكات الشرطة الأميركية ضد الأميركين السود والتي تطلقُ عليهم أنهم من أصول افريقية , ما يؤكد أنها تعبر عن نظام ممنهج يضع أجهزة الشرطة فوق مستوى المحاسبة خاصة وأن تظاهرات سابقة عمت مدن نيويورك وميسوري ومانهاتن وفيرغسون رافقت موجة عنف للشرطة قبل أشهر انتهت بمقتل 4 أميركيين.
في بلد يسعى جاهداً لنشر شعارات الحرية والديمقراطية في العالم يتطلب رفع شعاراتٍ مطالبة بالثورة ضد العنصرية و إعادة النظر بما تطرحه الأم الحنون للثورات الملونة في العالم من قيم ، وحين يردد عشرات الألاف من المتظاهرين وغالبيتهم من فئة الشباب "لا عدالة لا سلام" إحتجاجاً على ممارسات عرقية معلنة انطلاق "ربيع أسود" يبدو جلياً بأنه ثمة خلل ما في تفسير الألوان في العقلية الأميركية والتي تعود لقرون مضت حافلة بالمجازر العرقية كبلد تأسس على مبدأ قتل ما يزيد عن 95% من الهنود الحمر السكان الأصليين للولايات المتحدة عبر نشر الأمراض والأوبئة عن قصد لإبادتهم , كسلوك لا يمكن أن يأسس لدولة الديمقراطيات والحريات ويضع ممارسات شرطتها في سياق المسارات التاريخية الطبيعية.
طوال سنوات أطلقت واشنطن ألوانها البراقة على حراك أتباعها حول العالم ولطالما سعت لأن يزهر ربيعها في الشرق الأوسط دماً ودمار وتبعية ونماذج لدول فاشلة في الشكل والمضون وتكللت الجهود الأميركية بالنجاح بإعادة تشكيل وتصنيع تنظيم القاعدة بأشكاله الجديدة تحت مسميات جبهة النصرة وداعش ويافطات عريضة فضفافة قوامها بروبوغندا قوية وشعارات من قبيل "الشعب يريد".
صيحات الإرادة الشعبية التي روجت لها واشنطن وصلت إلى عقر دارها وما سوقته في الشرق الأوسط من مظاهرات ظهر في أسواقها فهل ستقر بأحقية شعبها في نيل حقوقه المشروعة كما دأبت على المطالبة بحقوق الشعوب المظلومة وفق المصطلح الأميركي أم سيكون لها رأي أخر.
يرتضي السوريون بأن تحقق واشنطن لأبنائها السود ما تشدقت به خلال السنوات الماضية من ضرورة أن توفره دمشق لأبنائها الثائرين ولن يطالبوا بسقوف مرتفعة كسقوف أوباما وجوقته بحق الخطوات السورية بمواجهة الإرهاب التي دعمته واشنطن.
بعد تنامي التظاهرات في المدن الأميركية كيف تنظر واشنطن لإصابة 7 رجال شرطة في تلك الإحتجاجات؟ وكيف سترد على تظاهرات سلمية العناوين إن قتل العشرات من عناصر شرطتها كما حصل ويحصل في سورية ؟ ، وما جواب أوباما على شعارات السلمية التي روج لها في سورية حين تطلقها تنظيمات كأحرار واشنطن والجبهة الشعبية لتحرير بالتيمور وجبهة النصرة لأهل فيرغسون ، وهل سيرتب حقائبه للرحيل من البيت الأبيض مع أولى الصيحات التي تنادي بإسقاط نظامه؟
ربيع واشنطن الأسود يلوح في الأفق فهل سيعترف أوباما بمطالب شعبه وينصت لشعاراته كما دأب على توجيه النصائح لغيره أم أنه سيقول إنها مؤامرة؟.
2015-05-03 | عدد القراءات 2407