يبدو أن الحرب السعودية على اليمن والتي تجاوزت يومها الأربعين لم تشبع شهية القتل السعودية ومن ورائها واشنطن بالسعي لوقف معاناة اليمنيين الإنسانية التي وصلت لمستويات خطيرة من نقص حاد في المواد الإغاثية وندرة المشتقات النفطية جراء استهداف طيران مملكة آل سعود أم المسلمين الحنونة المنشآت الاقتصادية والمصافي ومصانع الألبان والأجبان والزيوت وكل ما يمكن أن يكسر ارادة اليمنين في الحياة ويدفعهم للاستسلام ورفع الراية البيضاء بحسب التصورات الأميركية التي تدير وتخطط لحروب السعودية في المنطقة فأي عاقل يمكن أن يقتنع بنفي السعودية إدارتها حرباً أميركية بالوكالة.
ربما تكشف ما تطرحه تقارير المنظمات الدولية من أرقام جانب لا بأس به من الحقيقة وتقدم مؤشرات قريبة للواقع عما وصلت إليه الأوضاع المأساوية في اليمن عن اقتراب وصول نحو20 مليون شخص فيه أي 80% من سكانه عتبة الجوع أو المعاناة من "انعدام الأمن الغذائي" بحسب لغة العاملين في مجال الإغاثة وهي أرقام تكشف النوايا الحقيقية وراء الحروب الأميركية سواء بالأصالة أو بالوكالة.
بدا جلياً بأن الحروب الأميركية في العالم خلال العقود الأخيرة يحكمها معيار واحد وهو الولاء لواشنطن ومقدار الطاعة والخنوع بمشاريع السيد الأميركي وبناءً عليه صنفت دول العالم في حلفين بين أخيار وأشرار فمن بايع السيد الأميركي استحق الحظوة ونعم بالرخاء ومن رفع الصوت رافضاً سلطت عليه واشنطن أزلامها وأدواتها من الشرق والغرب ولعل نموذج الرئيس السوداني عمر حسن البشير النموذج الأكثر وضوحاً , فمن مطلوبٍ لمحكمة الجنايات الدولية إلى رئيس بانتخابات شرعية وبنسبة 98% بمجرد القبول بتقسيم السودان ليصدر حكم البراءة بحقه وتُغسل يديه من دماء السودانيين.
الحرب الأميركية ضد إيران بأدواتها الاقتصادية من عقوبات وتجميد أرصدة حاضرة في أجندة واشنطن منذ إعلان الثورة الإسلامية وكسر اليد الأميركية من بوابة الملف النووي الإيراني فيما الملف النووي الباكستاني لا غبار عليه والمعيار الولاء والعلاقات الوطيدة مع سيد البيت الأبيض.
في العلاقة مع سورية لم توفر واشنطن فرصة لاستهداف دمشق بالعقوبات منذ نشأة سورية الحديثة والتي تجلت بقطع كافة الطرق أمام تزويد سورية بأي معدات تساعدها في بناء اقتصادها ومشروعها النهضوي وشكلت العقويات الاميركية وما تزال سمة الاقتصاد السوري الذي استطاع كما الاقتصاد الايراني وإن كان بشكل أخف من قدرات ذاتية للصمود بوجه الهجمة الأميركية ومع انتقال المشروع الأميركي في المنطقة لمراحل المواجهة من بوابة ربيع الشعوب أمنت واشنطن مظلة لحماية الأنظمة التابعة لها في دول الخليج العربي فمعايير حقوق الإنسان محترمة في السعودية وقطر والشعب البحريني يمارس ديمقراطية قل نظيرها في المنطقة وحملات الإنتخابات السعودية تجري على قدم وساق وها هي تنافس في السعي للوصول لعرش المملكة بعد أن تخطت مجلس الشورى ونالت الحق بقيادة السيارة ولا خوف على أبناء قطر والوافدين الأجانب من سياسات رجالات الموزة الطيبة ، طالما أن أموال تلك الممالك والمشيخات في الجيب الأميركي وفق قاعد ة كل ما لي فهو لي وما لك أيضاً لي ، ما يمنح الرئيس الأميركي الحق في التصرف بأموال تلك الممالك وفق رغباته ومقتضيات إنقاذ اقتصاده من إبرام عقود تسليح فلكية إلى افتعال حروب تضخ المزيد من الدولارات في الخزينة الأميركية.
قاعدة واشنطن ومن يدور في فلكها واضحة في التعامل مع الشعوب والدول العمالة مقابل السعادة والقرار الوطني تدفع الشعوب ثمنه عقوبات أميركية وحروب دموية.
2015-05-07 | عدد القراءات 2543