مع نهاية قمة كامب ديفيد بين واشنطن وعواصم الخليج ، يصبح السؤال عن مضمون البيان بلا قيمة ما لم يتقرن بالبحث في آليات التنفيذ ، فكل ما ورد بلا تحديد واضح لآلية تنفيذية ، هو من قبيل التراضي السياسي لملاقاة رأي عام متباين النظرة نحو اساسيات المنطقة .
ما يبدو بدون آلية كيفية الجمع بين التمسك بالحل السياسي في سوريا ورفض شرعية الرئيس بشار الأسد ورفض الحلول العسكرية ورفض التعاون مع داعش والنصرة ، ما يعني أن النص هو تجميع من نصين ، واحد يقول لا لداعش والنصرة ونعم للحل السياسي تريده واشنطن وواحد يقول لا للأسد تريده دول الخليج والنتيجة نص بلا طعم ولا لون ولا رائحة يرمى في سلة المهملات .
بدون آلية أيضا كيفية منع التمدد الإيراني في الخليج ، فالبيان يتحدث عن صحة وسلامة التفاهم النووي مع إيران وعن إستعداد واشنطن لحماية دول الخليج ضمن قواعد القانون الدولي ومصلحتها وما تراه ممكنا ، ما يعني عمليا لا إلتزام ولا ضمان ولا تعهد وثم يوضح الرئيس الأميركي أن البيان ليس تحالفا ولا ميثاقا والا لكان يحتاج تصديق الكونغرس ، إنه بيان .
ما يبدو بآليتين متناقضتين الملف اليمني فالبيان يتحدث عن دعم الحل السياسي برعاية مجلس التعاون الخليجي وفي الرياض وعن تأييد الحل السياسي برعاية الأمم المتحدة في جنيف ، وحيث أن الأول مستحيل التحقق لرفض الحوثيين المشاركة فيه سيتحقق الثاني ويصير النص ترضية خواطر للخليجيين بالنص الأول ليس إلا .
شيئان فقط سيحدثان بآليات هما ، لجان عسكرية تدرس إحتياجات دول الخليج من مبيعات السلاح الأميركي ، ولجان ستدرس خطط مكافحة التطرف التي تدرج واشنطن تحت عنوانها ما تسميه بالإصلاحات السياسية والدستورية اللازمة في دول الخليج .
ستبيع واشنطن بمال وفير الكثير من السلاح وستمتلك قدرة التدخل في صياعة شكل الحكم الجديد لدول الخليج ، ووضع نظرياتها عن تغييرات هيكلية تصل لصيغ من الملكية الدستورية موضع التنفيذ وتربط بتقدمها تقدم أشكال التعهد بالحماية .
من هنا وحتى تنعقد القمة المقبلة بعد عام وفقا للبيان بزيارة الرئيس الأميركي لدول الخليج ، لن يكون قد تحقق إلا سير الملف النووي الإيراني وفقا لنصوص التفاهم ومعه تطبيع علاقات أميركي إيراني وإفراج عن أموال وإلغاء لعقوبات و مزيد من التقدم الإيراني في النفوذ في المنطقة بينما اللجان لا تزال تدرس ، وسيكون الحل اليمني برعاية أممية قد حسم إنهاء الوصاية السعودية على اليمن وأطلق صيرورة سياسية داخلية تضع للحوثيين مكانة متقدمة في صناعة القرار السياسي والإستراتيجي لليمن .
عندها تعقد القمة الجديدة في ظروف جديدة تسمح بكلام جديد .
2015-05-16 | عدد القراءات 2925