يناقش أعداء سوريا والمقاومة وثوار اليمن وأصدقائهم ، كل منهما على حدة موقف إيران من حلفائها في ظل المفاوضات حول الملف النووي ، ويلتقي بعض الأصدقاء مع الأعداء في الإستنتاج كل على طريقته للقول ، أن إيران لا تقدم لحلفائها ما يلزم حرصا على المسار التفاوضي .
يقول أعداء إيران وحلفائها أنها اضعف من أن تحصل على إنجازات ملفها النووي إذا تورطت بالتصعيد الذي يخاض ضد حلفائها في اليمن وسوريا ولبنان ضمنا ، وبعضهم يصل للقول أن إيران تعهدت كي تضمن إنجازها النووي بتخفيف تدريجي لوقوفها مع هؤلاء الحلفاء الذين إستخدمتهم لبلوغ هذه المرحلة من التفاوض وآن وقت التغيير ، ويختم بعض المتطرفين من هؤلاء بالقول ، إيران باعت حلفاءها في لبنان وسوريا واليمن والعراق ، وتركتهم لمصيرهم الذي سيظهر مأساويا بالتتابع بعد إتمام الصفقة .
يقول بعض أصدقاء سوريا والمقاومة واليمن ، أن إيران دولة عظمى وطريقة إدارة باردة وذكية وتحتمل الخسائر والدماء بقياس عقلاني لا مكان للمشاعر فيه ولا للمسؤولية والحرارة اللتين تفرضهما المشاهد القاسية لما يتعرض له السوريون والعراقيون واليمنيون ، وأن الإسلام الإيراني هنا هو غطاء عقائدي وليس منهج عمل وإلا لما هانت دماء المسلمين وهي تنزف ، وأن المصلحة الإيرانية هي التي تصنع السياسية ، وها هي إيران حليف بحدود عدم التعرض للخسائر ، وعلى حلفائها التحمل دون أن تتقاسم معهم الصراء والضراء ، كما يفترض .
يلتقي الأعداء وبعض الأصدقاء في الذهاب والإياب فيقولون برافو إيران إذا كانوا من الأصدقاء ، ويقولون هزمت إيران إذا كانوا من الأعداء ، وكليهما يقول أن الإمبراطورية أولا .
هل في هذا الكلام بعض من الحقيقة ؟
بدأت إيران ثورتها تحت شعار سابق لكل سلوك يجري الحديث عنه في سياق تجربتها النووية ، وكان الشعار نصفين نصفه عن وحدة مستضعفي الأرض ونصفه الآخر اليوم إيران وغدا فلسطين ، وكانت حرب مدمرة على إيران نزفت فيها نصف شبابها ونصف عمرانها ونصف ثوراتها وتقدمها وكانت تثمن كل من يقف معها في السياسة وخصوصا سوريا والمقاومة ولم تتساءل عن سبب قيامها وحدها بدفع ضريبة الدم والإقتصاد ولم تطلب أو تسأل إلا التأييد الأخلاقي والمعنوي وهي تعلم انها لا تقاتل ولا تعلن الحرب عليها إلا لأنها دولة إستقلال ودولة تؤمن بفلسطين وليس لسبب يتصل لا بالنووي ولا بالإمبراطورية .
عندما إنتهت الحرب التي تكشف الوثائق أن واشنطن أمرت بها وأن الخليج قد مولها وأن بغداد تورطت بها كما تورطت لاحقا بغزو الكويت ، وكان السيد الخامنئي ينتقل من رئاسة الجمهورية لقيادة إيران كمرشد ، كانت سوريا تذهب لعملية مدريد ، والغرب يذهب لعاصفة الصحراء في التسعينات ، وكان الإتحاد السوفياتي ينهار ، وتدفقت العروض على إيران الباقية وحيدة ، بعنوان واحد لا ثاني له ، تعالوا وخذوا العراق ونفوذا في الخليج وسوق النفط ، وكونوا شركاء في صناعة السلام مع إسرائيل وسنعاونكم على مشروع يشبه مشروع مارشال لإعمار فرنسا واليابان وبريطانيا بعد الحرب العالمية ولا صناعة لدى إيران يومها كما اليوم ، و المطلوب شيئ واحد ، أن تقولوا نؤيد ما سيصل إليه الفسطينيون والسوريون ويقررونه فهم أصحاب القضية ونحن مجرد قوة داعمة ، وكانت إيران ترتضي أن تتفهم مشاركة سوريا التفاوضية في مدريد كعمل سياسي دفاعي عن صدقية خيار المقاومة سيظهر لاجدوى الخيار التفاوضي واثقة بصدقية موقع سوريا من المقاومة ومن فلسطين ، ولم تتردد إيران في تحمل العقوبات والحصارو هي تخرج من الدمارالكامل ، وأعادت وحدها بصبر وصمت بناء إقتصادها وعمرانها ، مواصلة إقتطاع نصيب المقاومة في لبنان وفلسطين من افواه مواطنيها الجائعين ، وخطط عمرانها الضرورية .
في حربي العراق وأفغانستان ، سهلت إيران للأميركيين التورط في المستنقع لكنها رفضت كل عروض الشراكة ، لإنقاذ الأميركيين من المأزق ، مقابل دور إمبراطوري ، وفك العقوبات ، وكان ملفها النووي يتقدم ، وهي ترفض العروض التي كان محورها كلها التخلي عن خيار المقاومة وعن سوريا كجزء منه ، و إيران المهددة بالحرب الإسرائيلية الأميركية كخيار جدي ، خاضت أزمة داخلية عنيفة كادت تصل لحرب أهلية عنوانها التمسك بخيار المقاومة مع إنتخابات 2005 التي جاءت بالرئيس احمدي نجاد بتوجيه من السيد الخامنئي ليكون لسوريا والمقاومة وهما تواجهان أصعب المؤامرات كل أسباب الدعم والصمود .
في مفاوضات الملف النووي سلم الغرب بماتريد إيران وهو يسلم لباكستان وهي أيضا دولة إسلامية ، بالأكثر ، لكنه إرتضى من إيران بالمقابل تخفيف موقفها من إسرائيل لا تبديله ولا تعديله والقبول بالمساومة على دعمها القوي لسوريا والمقاومة وما بدلت ولا هانت ولا تخلت .
إيران لا تبيع حلفاءها تحت التهديد الجدي بالخسارة فهل تبيعهم وهي تنتصر بهم ومعهم ؟
2015-05-23 | عدد القراءات 2794