مهم جدا و بديهي ان تراجع الحكومات في اي دولة سياساتها و تراجع ما اقدمت عليه و اصبح جزءا من تاريخها ذلك كي تتخذ منه مرجعية موثقة بالتجربة المدروسة بين السلبي و الايجابي ينبثق عنها عبرا و دروسا تساعدها في بناء مستقبل سياسي ادق لكن الغير عادي هو ان يصدر التراجع عن الكيان الاسرائيلي و قياداته التي كانت يوما ما صقور سياسية اسرائيل العظمى التي حلمت بدولة يهودية تمتد من النيل الى الفرات من دون ثغرات تحسب فشلا على سياستها الخارجية التوسعية امام شعوب المنطقة .
رئيس وزراء اسرائيل ايهود باراك و رئيس حزب العمل سابقا اهم و ابرز الاحزاب الصهيونية يعلق اليوم في ذكرى انسحاب بلاده من جنوب لبنان بما يشبه اتهاما للحكومات المتعاقبة و سياسات الكنيست و اللوبيات الصهيونية حيث كلها مؤثرة في رسم هوية اسرائيل بقصر النظر باعتبار ان سوء التقدير و ادى الى تعظيم قوة حزب الله حتى وصلت الى ما هو عليه اليوم .
عسكريا فان وجهة نظر ايهود باراك الذي عايش الانسحاب من لبنان و كان مشرفا عليه مباشرة و قد عايش سلسة الهزائم المتتالية التي لحقت بجيشه صائبة فالمقاومات تنشأ عادة من رحم الضغوط و المعاناة و كل ما ازدادت الضغوط ازدادت اساليب توقها لخرق الاطار المحاصرة فيه و علت نسبة تطوير الذات و القدرات العسكرية و الاهداف و الخطط الاستراتيجية و علت نسبة نجاحها بكسر الطوق بالتالي فان تعاظم قدرة حزب الله ليس سوى نتيجة لتعاظم الظلم و القهر الذي نشب عن الاحتلال لجنوب لبنان قرابة 20 عاما .
باراك اكمل انتقاد جيش بلاده ليصل الى حرب تموز 2006 معتبرا انه "لا يمكن لاي دولة ان تبادر الى الخوض في الحرب بدون التخطيط المسبق وان تنجر اليها بسبب اختطاف اربعة جنود وتفجير دبابة".
اذا كانت فرضية ايهود باراك الاولى صحيحة عن ان تعاظم قدرة حزب الله جاءت نتيجة الاحتلال فان ما يعني شعوب المنطقة اليوم بالتخاطب معها و هي التي غيرت اسلوب حروبها من الاصيل الى الوكيل فنشرت الجماعات التكفيرية كسلسة و زنار نار يمتد من العراق الى الشام هو نتيجة نصر حتمية وفقا للمعادلة الصهيونية و عليه فان الضغط الذي تشكله اسرائيل اليوم المتمثلة بداعش و النصرة و اخواتهما تتجسد بقوة ظالمة وجب كسرها و مواجهتها بصلابة و بالتالي فان تعاظم قدرة حزب الله و الجيش السوري و الجيش العراقي و كل من يقاتل في هذه الجبهات هو امرا بديهيا فالميدان اليوم زاد المقاتلين خبرة و بعد نظر و رؤية استراتيجية اكثر من اي وقت مضى
تسهم اسرائيل اليوم ايضا من حيث لا تدري بتغذية مشاعر الانتماء و القتال و تزيد مرة جديدة من قدرات حزب الله الذي بات جاهزا هذه المرة جراء خوضه معارك سوريا و جرود لبنان و مواجهته مع نوع جديد من الاعداء بتشكيل تهديد وجودي على الكيان الصهيوني و عليه فان لعبة تعاظم قدرات حزب الله تسهم اسرائيل فيها مجددا مرة في قتالها المباشر و اخرى في قتالها عبر التكفير غير المباشر و حزب الله الذي هزم قدرتها التي لا تقهر اصبح اليوم قوة اقليمية لا تقهر نتيجة نفس السياسات الصهيونية و العقلية المتشددة المتعاقبة .
باراك يتراجع و يستذكر و اسرائيل تدرك ان نكستها الكبرى اتية لا محالة بفشل مشروعها التكفيري الحتمي.
2015-05-25 | عدد القراءات 2423