لم تكن نكسة بل سياسة - روزانا رمال

تحل اليوم الذكرى الثامنة والأربعين لهزيمة الجيوش العربية في الخامس  من حزيران العام 1967 ، والمنطقي أن أحدا  من العرب لم يعد  يهتم لإحياء الذكرى من زاوية أخذ العبر ، فلم يعد محرجا لأحد تجاهل الصراع مع إسرائيل ، بل باتت المجاهرة باعتبار لغة الحرب  معها سببا لكل الويلات  وصار للأمن العربي مفهوم عبرت عنه  قمة شرم الشيخ العربية المنعقدة  في ظل عاصفة الحزم بأن لا مكان للتهديد الإسرائيلي في الحساب العربي  كمصدر للخطر على العرب .

صار العدو هو إيران وبعض  من مكونات المجتمعات العربية وشرائح من شعوبها لمجرد أنهم ينتمون لخيار مقاومة إسرائيل .

صارت إسرائيل نفسها تجاهر أن المصلحة المشتركة مع دول الخليج بضرب سوريا والمقاومة وإسقاطهما أقوى بلغة المشاعر الواحدة من كل اتفاقيات السلام التي وقعتها كما قال امس موشي يعالون .

يقول الإسرائيليون أن المستوطنين يفرحون لما  تقوم  به جبهة النصرة كأنها جيش حليف عندما  تربح مواقعا من حزب الله أو من الجيش السوري ، ويصفقون لما يقوم الطيران السعودي بدك مواقع الحوثيين في اليمن كما كانوا يهللون للطيران الأميركي أثناء حرب العراق .

في العام 1967 الواضح ان بعضا من العرب شعر بنشوة النصر مع الإسرائيليين كما كان هذا البعض  يرغب بأن يشعر في حرب  تموز 2006 يوم كانوا يقولون ما نقلته عنهم تسيبي ليفني ، اسحقوا عظامهم لا نريد  سماع صوته وهو يقول عائدون يا قدس إنا عائدون ويلوح بسبابته ، و ما  قالوه عن  السيد حسن نصرالله في العام 2006 هو ما قالوه عن جمال عبد الناصر عام 1967.

هم أنفسهم عندما  وقف الرئيس حافظ الأسد يخوض غمار تصحيح  المسار في حرب  تشرين ، وقفوا معه شكلا ليغتالوا انتصاره ويصرفوه في رصيد حساب إسرائيل في كامب  ديفيد ويمهدوا لضرب سوريا بمخطط اجتياح  لبنان ومحاصرتها بكامب ديفيد ثان وأعلنوا حرب الإخوان المسلمين التي إستمرت ست سنوات في محاولة لإسقاط  سوريا وضرب خياراتها.

ولما  ظهرت المقاومة راهنوا  على فشلها أمام جيشهم السري الذي لا يقهر ، أي الجيش الإسرائيلي ، وهو اليوم  قد  صار جيش هؤلاء العرب  علنا ، لكنه خذلهم وكانت النتيجة أن المقاومة إنتصرت ، فكان قرار الحرب  عليها قرار عربي إسرائيلي  مشترك في 2006 ، ولما هزموا معا ، كانت الحرب لإسقاط  سوريا قرارا عربيا إسرائيليا مشتركا .

الحرب التي  تخوضها النصرة وتخوضها داعش في سوريا والعراق ومن ورائهما جيش سعودي ضد اليمن وجيش إسرائيلي يعد اللبنانيين بحرب تعيدهم مئة سنة إلى الوراء وتهجر نصفهم على الأقل  هي  الحرب  التي تستكمل الجولة الأولى لحرب  العام 1967 بعدما صار الحلف  علنيا بين حكام الخليج والإخوان المسلمين  والقاعدة وإسرائيل وحلف الأطلسي وصارت تركيا الأخوان و الأطلسية ومربع عمل القاعدة هي غرفة العمليات .

تخوض سوريا والمقاومة ومعهما شعبا اليمن والعراق  حرب الدفاع عن جمال عبد الناصر ضد الأعداء الذي  هزموه عام 1967 ، وبنصر حلف الشعوب والجيوش والمقاومات سيحيا عبد الناصر وتبقى فلسطين قضية مركزية للعرب  وتمحى أثار  الهزيمة .

2015-06-05 | عدد القراءات 2154