صباح الخير
صباح الخير للإنسان والإنسان عقل وموقف وما بينهما خليط صنعه الخالق الواهب
صباح الخير لقدرة البشر على تشغيل طاقة العقل وما فيها من مواهب
صباح الخير على اللحظة التي تتحول المعارف فيها إلى موقف
تحبذ الروح وترفض و تضع سلالم للقيم فتشجع هنا وهناك تستسخف
ثمة عقول تتحول إلى آلات حاسبة و الذاكرة إلى آلات تسجيل
لا تخضع الأولويات فيها لحساب القيم ولا لمعنى التمييز بين المزيف والأصيل
فالوطن حقيبة مسافر و فندق عالي جودة الخدمات و آلة مزودة بكل التفاصيل
ومتى فقد هذه الميزات ثمة الفيزا و غيره أحسن منه ومحل ما بترزق إلزق و الكريم يستوي مع البخيل والشجاع مع الجبان والوطني مع العميل
هذه عقول آلات لا ارواح لها والنقاش معها إضاعة للوقت و المجهود
ليس مهما أن تهاجر وليس مهما أن تعود
فهي كحال حًنون الذي دخل الإسلام من المسيحية فقال المثال عن حنًون
ما زاد حنًون للإسلام خردلة ولا ضر بالمسيحية خسران حنًون
أما النوع الثاني من العقول فهي العقول التي لا تتخذ المواقف
تحسب بمنظمومة القيم فذلكات التبرير و تستخدم العقل لتبرر كيف تخالف
تعرف الصحيح وتحرف و ترى الحق وتنحرف و تهتم بالشأن العام كي تجد مركزا أو منصبا أو شيكا ينصرف
و من العقول في حدود المعقول من يهتم و يفكر ويقيم حسابا للوطن وحسابا للقيم
و يعرف معنى النخوة ومعنى الفروسية والشيم
لكنه أعجز من تلبية المطالب
فيصير نقاقا على رصيف الكلام يطالب
لو فعلوا كذا لصار كذا و لو سمعوا النصيحة تغيرت الأحوال
و يعرف كيف يتحدث عن النفوس الجريحة ويكتب المقال
لكنه كحال الذي يمتلك الشجاعة ليعترف انه جبان
منظومة القيم عنده معطوبة
والشجاعة بين الأقوال والأفعال تمر بصعوبة
ومن العقول من يعنينا لأنه جدي وصادق يقينا
و يشعر بالمعاناة ويعيش الهم و الوطن والناس و يملك العقل والإحساس
من هؤلاء فقط يهمنا أن نناقش و نحاور وندير العقل على المحاور
و نلفت الأنظار ونشد الإنتباه ونعيد ترتيب المشهد و رسم الدوائر
عقل حار ومشاعر حارة يعني عقل الإنفعال بقوة الإحساس وإنعدام رؤية الحقيقة
فيقع بالإنبهار ومرة مهزوم ومرة منتصر ومرة يتابع بالثانية والدقيقة
لا يوجد عقل متشائم وعقل متفائل وأخطر العقول على قضايا الناس والأوطان هي عقول المشاعر والأحاسيس تخاف من خطر فتراه داهما وهو بعيد أو تتمنى نصرا فتحلل الأحداث بعين النصر و تعيد
كما العقل الحار والمشاعر الحارة يتجانسان يتجانس العقل البارد مع برود المشاعر
فيحلل ويرى لكنه كجلمود صخر لا يتحرك ولا يتفاعل و يتهرب من الفعل فيناور
و يدعي الف عذر وعذر و للهروب من مسؤولية الموقف و يداور
الأول قاتل بالإنبهار والتسرع رغم إخلاصه والثاني قاتل بروح الإنهيار و فقدان إحساسه
يبقى عقل حار ومشاعر باردة يتسرع بالقراءات ويعاند ويكابد ينبهر أو ينقهر ينتصر او ينهزم لكن بالتحليل قبل الموقف و يصبح بمشاعره الباردة جثة هامدة
المثال في الناس من إشتعل فيه العقل و إشتغل أيام الشغل والعطل
فهو عقل متوقد لكنه بارد دون ان يعرف الكل والملل
لا يحلل كي يرضي التمنيات ويستبعد المخاطر بل ليحقق الوقائع
ويفسر التطورات والمتغيرات ويتنبه لأي عامل ضائع
و يعيد المقاربات والفرضيات و يدقق بصحة المراجع
و متى وضع يده على ما يراه الحقيقة لا يخاف الإشهار
يشرحها ويجهر بها في الليل والنهار
سواء كانت مرضية أم موجعة
قضيته تبدأ في كيف نتعامل مع الحقائق
و كيف إذا راينا مضيقا نعترف انه مضيق ونضع خطة لعبور المضائق
لا ننكر وجوده فنصدم سفننا بالصخور ولا نقول انه مغلق فنترك السفن في أعراض البحور
العقل البارد مهمته ان يرى والمشاعر الحارة تحدد المواقف
تنطلق من القيم والشجاعة والنخوة و تقرر الخطوات
تعرف كيف توافق وكيف تخالف لكنها لا تهرب في الملمات
لهؤلاء اقول صباح الخير
مثلكم نرى بعقل بارد سوريا تدخل بر الأمان والإنتصارات
ومثلكم بالعقل البادر رأينا المخاطر و التحديات
لكننا في الحالتين بالمشاعر الحارة تلاقينا وما تخلينا ولا ضاعت عندنا البوصلة
وحدكم بالعقل البارد والمشاعر الحارة سفنكم واصلة
وحدكم ستفهمون معنى أن القول بالأزمة الأميركية الخانقة ليست فعل تمنيات
ووحدكم ستعرفون معنى أن الزمن القادم لشرق جديد هو ثمن التضحيات
لوحدكم صباح الخير المتفائل بقوة الحقيقة
لوحدكم صباح الخير كل دقيقة
صباحاتكم قريبة في بلادنا الحبيبة
ناصر قنديل
2013-10-17 | عدد القراءات 3605