صباح الخير للنازحين العائدين بعد المرارة - ناصر قنديل

صباح الخير

صباح الخير للنازحين الذين يتوزعون في أسواق نخاسة اسمها مخيمات

صباح الخير للأباء والأبناء والأمهات

في البداية توهموا تحت الخوف من الخطر ان الخروج من الوطن امان

او منهم من اعلموا ان المن والسلوى بانتظارهم في اسطمبول أوعمان

وأنهم حجزوا لهم صناديق المال والإقامة في الفنادق

 و بمستطاعهم ان يصولوا ويجولوا في المناطق

ومنهم من كان ربما في السياسة منتظما في المعارضة

أو لديه اسباب للسخط والغضب لأسباب مبدئية أو عارضة

فقال من النزوح سنواصل طريق النضال

و نساهم في رفع معنويات المقاتلين او نقدم خدمات للقتال

لكن الأغلبية الساحقة هربت من الرصاص والموت والخطف والنيران

او لتعطل مدارس الأطفال وأعمال الرجال ونقص المؤن و الأمن والأمان

المهم أنهم نزحوا الوفا وصاروا اليوم بضعة ملايين

و صارت هناك قضية إسمها قضية النازحين

قضية تخصص لها المنظمات وتعقد لها المؤتمرات

و يتداول بها رؤوساء الدول والحكومات

و تجبى بإسمها الملايين وربما المليارات

وصارت الاحوال معلومة لا عيشا هنيئا ولا كرامة محفوظة

مخيمات على الحدود مع الاردن ولبنان وتركيا تجد فيها خيمة للاسرة المحظوظة

هم السوريون الذين كان التعليم والطبابة لهم مجانا

هم السوريون  الذين كانت الناس تحسدهم و من الجيران خصوصا ولو لم يصدروا للحسد اعلانا

هم السوريون الذي كان اللبناني والأردني يأتي اسواقهم لضمان الجودة ورخص الأسعار

فتمتلئ بهم اسواق الشام وحمص وحلب ليل نهار

هم السوريون الذين كان الاتراك يخشون منافسة مصانعهم ومضاربة التجار

هم السوريون الذين كانت كهرباؤهم ومحروقاتهم وزراعاتهم وصناعاتهم مدعومة

وهم السوريون الذين مهما كانت نقائص دولتهم كان لهم امان وحكومة

ومن حولهم دول تعيش الفوضى والغلاء الفاحش والإحتكار وتكفي أكلاف الطبابة والتعليم

وبعد النزوح و المعاناة و التشرد والتسول والذل والمهانة بان الفرق بين النازح والمقيم

هم السوريون الذي عرفوا بعد محنة وشدة معنى وقيمة انه كانت لهم دولة

دولة رغم كل ما قيل فيها يكتشفون انها احسن الدول جولة بعد جولة

ويعرفون ان من يستضيفهم او من يتاجر بهم ليست لشعوبهم بعض مما كان للسوريين

في الخليج يحسدون السوريين كيف تصل الكهرباء لكل القرى والبلدات

وكيف لدولة فقيرة وتعدادها اضعاف اضعافهم ان تؤمن كل ما يحتاجه شعبها من خدمات

و كيف يكون الأمن و الديمقراطية منها و في ربوعها و هم دول ممالك ومشايخ وامارات

يحلمون بوطن كسوريا رغم ما في خزائن حكامهم من مليارات

إكتشف السوريون معنى آيات الحسد

ومعنى أن يكون لهم بلد

فقد صار النازحون تجارة الإعلام وتعدد الأعلام

وصاروا ضحية الديناصور

مال منهوب من ابو طيفور إلى ابي قاعود إلى ابي فاعور

وهم صاروا أكياس لحم مرقمة

كما الخراف على باب ملحمة

وصارت نساؤهم تباع بالمزاد

و اولادهم يا ضيعان مدارس الأولاد

وصار الرجال يشكون من القلة

والحياة مقرفة ومملة

فكان مع التطورات والمتغيرات كشف حساب واقع الحال

الجيش يسترد البلاد قطعة قطعة في المدن وفوق الجبال

وإسقاط النظام لمن حلم بالثورة الكاذبة محال فوق محال

ومن توهم تعلم معنى أن الهدم سهل وما أصعب البناء

وان فتح أبواب الوطن لا يجلب إلا الأعداء

وأن الذين تجلبلبوا بثياب ثوار نصفهم من أفسد البلد ونصفهم لا يتقن إلا الإدعاء

وأن ما تبقى جمع لحى جاهلة و عقول قاحلة و يد تتقن الذبح الحلال

وأن البلاد وقد مزقت ودمرت وخربت لم يتحقق فيها من الأحلام والأفعال

إلا ما كانت تتمناه إسرائيل

أو الإرهاب الدخيل

أو معارض تافه يقبض من دولة وهو منذ الزمن عتيق عميل ابن عميل

النازحون الذين يعقلون او يفكرون يعرفون اليوم

ان لا مكان للإستسلام للنوم

وان امامهم خيار من خيارين

إما إرتضاء التشرد بدل العام والعامين

تشرد العمر كله فالجيش سيسترد أرض الوطن أخره واوله

او العودة اليوم قبل الغد وليمسك كل معوله

والوقوف وراء جيش الوطن و لتكن عندهم مطالب

والرضا بحدود ما وهبهم الله من ميزات ومكاسب

و الرهان على الغد  الأحلى و نضال خذ وطالب

لمن يريد النضال

لكن القضية اليوم هي القتال

ومن يسترد الأمن والأمان

حتى يكون للسوريين وطن يباهون به الأوطان

ايها النازحون السوريون صباح الخير

عودوا إلى بلادكم ولو على جناح الطير

لن يكون لكم ما توقعتم من الغير

لن يكون من يرفق بكم مثل ما ستلقونه في بلادكم

لا يليق بكم التسول والتشرد وبيع نساءكم واولادكم

انتم السوريون شرف وكرامة هذه الأمة

انتم السوريون مضرب المثل في عزة النفس والهمة

انتم السوريون ستزيحون بزنودكم هذه الغمة

أنتم السوريون ستعاودون الصعود إلى القمة

عودوا لأنكم سوريون

عودوا وكسروا الحواجز والحدود

حطموا جدران المخيمات والقيود

اطردوا السماسرة والنصابين والمتاجرين

لا ترتضوا مزيدا من الذل مقابل خيمة وحرام وكيس طحين

ليست لكم

لا تليق بكم

صباح الخير لكم

يوم عودتكم

ألافا وملايين

صباح الخير

يكفي هذا الحال المهين

صباح الخير

عودوا وليبقى السوري  مرفوع الجبين

صباح الخير للعودة الميمونة

تستعيد سوريا حكاية أنها في هذا الشرق ايقونة

ناصر قنديل

 

 

 

 

 

 

2013-11-19 | عدد القراءات 7215