قرأ الصباح الصحف بلغات الأرض قبل إنطلاق مسيرة تجواله و توقف عند رائحة الحبر التي تجمعها ، ومن نوع الورق الخشن الملمس ، أراد أن يتعلم من الناس قيمة المعرفة ، فكلما إزداد ورقها نعومة وسلاسة وبريقا هبطت قيمة ما فيها ، فقال كلما بالغت الأنثى بعدة الزينة والتجميل أرادت إخفاء عيب من عيوبها ونقصت علامة جمالها ، وكلما لجأت إلى صفحة الورق الطبيعية لبشرتها و خطت عليها بأسود حبر الكحل فقط ، كانت ثقتها بالمخزون الذي يلفت الأنظار ويبهر النظار أكبر، و قال كلما زادت كلفة التغليف في السلع وتوضيبها بالأجمل نقصت قيمة صدق ما يرد في الإعلان عنها ، و كان المراد رشوة العين ليصمت العقل عن التدقيق ، وكلما زادت بهارات اللحوم كان عمر تخزينها أطول و صحتها مشكوك فيها ، وكلما غسلت الأسماك بماء مثلجة جارية كانت قد تخطت عمرها الإفتراضي لوجبة صحية سليمة ، وكلما تزينت الدول بشعارات كبيرة كحقوق إنسان والديمقراطية كانت تخفي مشاريع حروب وعدوان ، وكلما تكاثرت طبقات الألقاب على الحكام كانوا معدومي القيمة كصاحب الجلالة طويل العمر خادم الحرمين الشريفين ، كذلك أصحاب العلم والمعرفة ، الدكتور المثقف المناضل الأستاذ الكبير المفكر العربي ، دلت ألقابهم الطويلة على ألسنتهم الطويلة وعقولهم المتسطيلة ، و مثلهم العشاق والأزواج كلما جاؤوا بجملة طويلة عن الحب وأكثروا من الهدايا ما يزيد عن عاداتهم كانوا يخفون خطيئة يشعرون بثقلها وحدهم ، فتطلع الصباح على الوردة وقال لو أراد خالقها أن يجعلها وردا وثمرا في آن لفعل لكنه وجد فيها ما يكفي لتكون نعمة وبركة عند الصباح فمنحها لونا واحدا في الأغلب ورائحة عطر واحد ، و إسما من كلمة واحدة ، إلا شقائق النعمان فجمع فيها كلمتين ولونين ورائحة عطرين لتكون وردة الشهداء ... لهم الصباح ولكم صباح البساطة والعفوية والكلمة الواحدة واللون الواحد والعطر الواحد ... صباحكم خير
2014-10-27 | عدد القراءات 1651