عندما أراد الصباح أن يعرف قيمته بعيون محبيه فرض عليهم سهرة حتى الطلوع وناداهم ، وقال لهم بإمكانكم ألان أن تناموا فقد جئت وأطمأنيتم لوجودي ، وصحيح أنكم كنتم تمرحون مع الليل حبا به لكنني أقدر لكم إنتظاركم لحضوري ولو أن بعض الساهرين لا ينتبه أنه وقتي لشدة إنغماسه في السهر و فرحه بشراكته ، لكنني فرح أني ألتقيكم تنتظرون أو تشهدون طلوعي ، فقبل بعض الساهرين الذهاب للنوم ، فعلم ان قيمته عندهم عندما يكونون هم على توقيتهم وليسوا مستعدين لمنحه ولو دقائق مجاملة إحتفال الحضور ، و لما أصاب القلق واحدا منهم علم أن ضميره حي وليس قلبه ، ولذلك يتألم لأنه مدرك كم سبب من جرح للصباح فيغالب نعاسه ويستيقظ و يغفو ، فخفق له قلبه حنانا و ساعده لينام لتحية ضميره ومن ناموا بلا قلق ترك الندى يبلل أطرافهم علهم يستيقظون لأعمالهم لأنهم محبي نوم عندما يشبعون من التسلية في غفلة من الصباح ويظهرون له إبتسامة تنظفئ مع ظهوره كترحيب تاكسي المطار بالمسافرين العائدين ، و بين من بقي مع الصباح من كانت تسليتهم قد إنتهت وأصروا على الإنتظار لنهم عشاق وينتظرون إكتمال فرحهم بالضوء بعد متعة العتمة ، بارك الصباح عشقهم لكنه تجاهلهم كي لا يحرج قبلة عاشق وغض بصره عنهم ، وبلع بريقه ومضى يستكشف أحوال الباقين من المنتظرين ، فوجد من بقي يدرس أو يكتب أو يستعد للذهاب للعمل ، فقال هؤلاء معذورون أن يفرحوا بحضوري ولو كانوا في صفوف المنتظرين ، لطلوعي ، أما من حمل إبريق السقاية لورود الدار وصوت فيروز من حوله فقد وضعهم في دائرة المقربين الذين يكتمل بهم ومعهم طلوع الصباح ، و مع أول شعاع ضوء يكون لهم النهار وينتهي حضور الصباح على المشتاقين ، فالصباح خفيف الظل وليس معطلا عن نوم ولا عن درس أو عمل ، هو ساعة وتمضي ، لمن يحبها ويلاقيها بفرح الضوء حتى نهاية النهار ، بقي واحد من المنتظرين يتأمل وجه الصباح و يسعى لملامسة وجنتيه ، ويكتب له الشعر ، حتى صار وقت رحيل الصباح يودعه ، فعرف الصباح حبيبه ، وميزه بكمشة عطر نثرها على جبينه و أخذ بيده إلى من كان قلقا بين المنتظرين ، ونام ينازعه ضميره لجرحه صدفة التلاقي بالصباح وإدارة ظهره لها ، وقال له كن ضننينا بهذا فهو أكثرهم ضميرا ، ونصحه بأن يجد عملا معه ، لأنه جدي في كل شيئ وضميره حي ، أما الذين ناموا من لحظة الطلوع فقال دعهم لفوضاهم يعمهون ، والذين ذهبوا لدراسة واعمال فقال له هؤلاء أهل ثقة فلا تخشاهم لأنهم يحسنون إستثمار أوقاتهم ولا يضيع عليهم الإهتمام بصديق أو حبيب ولو كانت أعمالهم هي أولوياتهم ، أما سقاة الورود ومحبي فيروز مع الصباح فهم الأصدقاء الذين يعرفون فرحا لا يعرفه الذين ناموا دون مجاملة و لا حرج ، أما أنت فستبقى معذبا مثلي لأنك تقيم لكل شيئ حساب ... ولما مضى الصباح حمل حبيه وصيته فعرف أنها عن الوطن وليست عن الصباح ، بين من ناموا عن ندائه ومن أنبه ضميره للنوم ومن مضوا لأعمالهم مع ملاقاة الوطن ، وبقوا مخلصين مجدين ، ومن أدوا للوطن فرح الشهادة وردا وغناء ، ومن بقي حارس الوطن الأمين ... صباحكم وطن
2014-11-20 | عدد القراءات 1858