لم يهدأ الصباح حتى يعرف تصنيف أنواع الكلام والصباح مساحة تتحرك بين الصمت والضجيج وما يشاءه الصباح معرفة الفاصل بينهما كما في الفواصل بين طرفي الضوء والتموجات اللونية التي يحملها قوس قزح ، ففيه كل مشتقات الألوان وأصولها وحاصل زجها ، فماذا عن قوس قزح الصوت ، ولأن لا بياض ولا سواد في الألوان ، فالأبيض هو الألوان كلها في حال الدوران السريع والسواد هو اللالون لانه اللاضوء وليس حاصل خليط غوامق الألوان و لهذا ليس في كل أنواع الصباغ إلا أسود جذره أحمر أو جذره أزرق فقال الصباح إذن الصمت هو اللاصوت أو اللاسماع لأن لاوجود لللاصوت بل الأصح أن هناك أصواتا لا نسمعها فلها تموجات تتخطى أو دون مستى إلتقاطها على الأذن ، فالصمت سواد الصوت والضجيج هو بياضه فهو خليط الأصوات غير المفهوم في حال الدوران السريع وماذا بينهما قال الصباح ، و بدأ جولته ، و أخذ يلملم أسماء الأصوات فيقول زغردة وللعصافير ومواء للقطط وعواء للكلاب وإكتشف أنه اضاع بعضا من وقته في غير المهمة التي أرادها فالأسماء توصيفات خصوصية ، وليست أنواعا كما احمر الدم القاني فلون الدم هو أحمر وليس اللون دما ، ولا الدم لون ، و عاد يبدأ من جديد ، فعرف الهمس أو الوشوشة وهي صوت خفيض لقول الاسرار أو نعومة الغزل ، فهو صوت الجواسيس والعشاق ، الحرس ، و الديبلوماسيين ، والخائفين ، وهناك على التخوم المعاكسة الصراخ ، وهو صوت الغضب أو المناداة بين واقفين على جبلين متباعدين ، وهو صوت المؤذن والراعي و الفلاح و قائد الجيوش في الميدان و المدافع والرعد وصوت الطرشان أيضا ، فقال الهمس صوت أزرق والصراخ صوت أحمر و تساءل عما يشكل ضلع المثلث الثالث مقابل الأصفر في الألوان ، فوجد الأداء ، إلقاءا أوغناء، فقال أصفر الصوت الغناء ، لذلك أحب الصباح الورد الأصفر ، فقال بين الهمس والغناء منتصف المسافة بين الأصفر والأزرق أخضر نقي صوت فيروز يدغدغ الروح فهو الأخضر من لأصوات ، و بين الغناء والصراخ صوت وديع الصافي فهو برتقالي الصوت خليط أصفر وأحمر مناصفة ، وتابع الصباح بحثه ليقول تعريف الصوت المقبول دون الإحمرار صراخا وفوق الهمس زرقة ، إمتداد بين الأخضر المستحيل البرتقالي الصعب ، مرورا بالأصفر المتفرد ، كأصوات أم كلثوم و عبد الوهاب وعبد الحليم ، و لأصفر هنا ذهبي الإلتماع و ضوئي الإشعاع ، فقال الصباح كونوا صفر الأصوات لا صفر الوجوه ، و خضرة الصوت حياة و موهبة فريدة و البرتقالي طاقة بطبقات عديدة ، و الأصفر ذهب رنان وريشة فنان ، أما اصوات كثيرة رمادية نسمعها تقع خارج التصنيف فلا مكان لها في الصباح ولا في زرقة السماء ، اصوات المغارب والعشاء قرمزية متعبة كغراب عائد متعب ، و إنتهى الصباح فقال صوت الأرض فخاري خليط إخضرار البرتقالي فإسمعوا ولبوا النداء ، وصوت الإستغاثة أنين ترابي بين الأصفر الذهبي و الفخاري فلا تخذلوه .... صباحكم أخضر
2014-11-21 | عدد القراءات 1994