المعارك الدائرة بين المجموعات المسلحة العاملة تحت إسم ما يسمى بالجيش الحر من جهة وبين جماعات القاعدة من جهة أخرى والفك والتركيب الذي ترتب عليها جعلت منها حدثا تتناوله الصحافة العالمية بالروايات والتحليلات وتنسب له السيناريوهات
الواضح من مسار الأمور ان القاعدة نجحت حتى الآن بفك وتركيب الألوية التي حملت إسم الجيش الحر وإستقطبت جزءا كبيرا منها وتركت الباقي لجبهة النصرة فلقة التوأم معها
والواضح أن المسار الذي تسلكه المواجهات العسكرية بين الفريقين يعبر عن صلة ما بما إستجد في مسار الأزمة السورية كلها حيث تنبهت القاعدة بمتفرعاتها إلى معنى تراجع الحرب الأميركية المباشرة على سوريا كخيار بدا لفترة أنه عنوان المتغيرات و صار اليوم في خبر كان كما يبدو مع هذا التراجع ان الإهتمام الأميركي بالحرب على سوريا يتراجع لحساب الداخل الأميركي من جهة وينحصر بالملف الكيميائي كعنوان ترضية دبرته روسيا لضمان الخروج الأميركي من جهة اخرى
هذا التحول يجعل الأسباب التي فرضت على القاعدة الإختباء وراء تشكيلات المعارضة السورية للحصول على موارد المال والسلاح الإضافية التي تضخها الدول العربي والغربية وتركيا و للحصول على ما تيسر منها وبالمقابل يجعل التعايش مع هذه التشكيلات في مرحلة النمو قد إستنفدت أغراضها بعدما إكتست هياكل التشكيلات المرتبطة بالقاعدة بريش سوري يحميها وصارت تعرف الجغرافيا وكيفية تنظيم ساحتها فيها و على صعيد مواز صار التحسب لتبدل سريع يزج بالمعارضة وتشكيلاتها في تسوية سياسية سورية داخلية ضروريا مع التغير في المناخ الدولي و يكون عندها على القاعدة أن تنتظر تقديمها كبش محرقة في هذه التسوية و مواجهة اللحظات الصعبة ولذلك حددت القاعدة ساعة صفر لحسم عسكري تفرض عبره سيطرتها على اوسع مساحة متاحة من جسم المعارضة وتشكيلاتها وسلاحها ومناطق إنتشارها وهي ماضية في التنفيذ بلا تردد .
هذه الحرب تربك الحلف الدولي الإقليمي المنتظم تحت لواء العداء لسوريا والممتعض من التبدلات الأميركية التي عبر عنها جون كيري بتصريحاته الأخيرة حول صدقية تعامل الحكومة السورية في الملف الكيميائي و واضح أن الثلاثي التركي السعودي الفرنسي يعيش اسوأ أيامه
القاعدة تملك كما في كل مرة منذ دخلت إلى افغانستان مشروعها الخاص وعند مفترق الطرق تنتقل إليه وتبدو أنها تتمرد على مشغلها بندر بن سلطان دون أن تقطع معه أو يقطع معها فلا أحد يعلم أين هي الحرب القادمة المشتركة في مصر أم في سيناء أم في السودان ؟و ها هي القاعدة تهدد الدول التي كانت تزودها بالغطاء او تتحالف معها وتقدم لها التسهيلات بأنها ستستهدف إستقراراها إن توقفت عن هذا الدعم وهذه التغطية وهذه هي معاني تفجيرات انقرة وبوسطن وشيكاغو
القاعدة تعرف معنى الرهان الثلاثي السعودي الفرنسي التركي على تقوية تدريجية لتشكيلات مسلحة للمعارضة مستقلة عن فكر القاعدة وبناها ولن تسمح بذلك والثلاثي يريد الجيش الحر قويا في الرقعة الجغرافية المحسوبة بإسم المعارضة لكنه يرغب بترتيب العلاقة بينه وبين القاعدة للحفاظ على توازن معقول مع الجيش السوري و إستنزافه أملا ببلوغ مرحلة التفاوض من موقع افضل
الواضح أن مشروع القاعدة سبق بالوقائع رهانات الثلاثي الفرنسي التركي السعودي والواضح أن رهانا يجري تسويقه من الثلاثي بواسطة عدد من المواقع الإعلامية أملا بتحوله إلى حقيقة وهورهان على قيام الجيش السوري بإعطاء الأولوية لقتال القاعدة وتوفير قدر من التسامح مع الجيش الحر ولذلك يجري دفع عدد من قادة الجيش الحر للإتصال بقيادات الجيش السوري ميدانيا لطلب المعونة والتنسيق تحت شعار مواجهة الخطر المشترك و الموقف الذي تتخذه القيادة السورية كما تقول مصادر شديدة الإطلاع هو عدم الدخول على خط الإشتباكات ودعوة المتصلين إلى التموضع سياسيا على قاعدة ما يدعونه بمواقف معلنة وإن كان الإئتلاف كمرجعية لهم يملك تقديرا يقول أن ألأولوية هي لمقاتلة البنى الإرهابية الغريبة عن سوريا والسوريين وهذا يستدعي تعاونا وتسوية للنزاع بين السوريين فليقل هذا في السياسة ليصر ممكنا البناء عليه وإلا فالمجموعات الراغبة بحماية مناطق تواجدها من تمدد القاعدة وترغب بدعم الجيش فعليها الإنضمام كليا للجيش وتسليمه هذه المناطق
المتابعون دوليا يتساءلون لماذا يتوهم الثلاثي الفرنسي التركي السعودي أن يتلقى السوريون بغباء الفخ الذي يريدون منهم الوقوع فيه فتقدم و إنتصار القاعدة وتمكنها من الجيش الحر وإلتهامه يخفي من امام الحكومة السورية مفاوضا يملك الغرب وجماعات الخليج قدرة تحريكه لتسليمه جزءا من السطة في سوريا و سقوط الجيش الحر يسقط هذه الفرضية ويبقي القاعدة وجها لوجه مع الجيش السوري وعلى الجميع في الداخل والخارج أن يختار حليفه بينهما وهذه المعادلة تتناسب كثيرا مع الرواية السورية الأصلية القائمة على إعتبار ما تشهده سوريا مواجهة بين الدولة والإرهاب المستورد وليست حربا بين جيش وشعبه كما يروي الإعلام العربي والغربي
القاعدة تتلهم الجيش الحر والجيش السوري يحدد ساعة الصفر لدخول المناطق التي تسيطر عليها القاعدة وفقا لتوقيته وليس لحاجات أكذوبة إنقاذ ما يسمى بالجيش الحر وليرتبك الثلاثي ما شاء وليصبح جنيف بلا معارضة الإئتلاف والجيش الحر فيصير أفضل لسوريا
2013-10-08 | عدد القراءات 10731