يقوم وزير الخارجية الأميركية جون كيري بزيارة متعددة الأهداف للسعودية ، فهو سيستكشف حجم الجاهزية السعودية لتنفيذ متطلبات التسويات التي تخوض غمارها واشنطن في الشرق الأوسط ، مبديا رغبة بلاده في دعم السعودية ومشاركتها في صناعة هذه التسويات ، فهي من جهة ضرورة لإتمامها وضمان نجاحها كما هو حال الوضعين السوري والإيراني ، حيث السعودية طرف فاعل في مضامين التسويات لكونها بالأصل احد أكبر اطراف النزاع ، ومن جهة ثانية هي لهذا الإعتبار تملك قدرة التعطيل لوزن مقدراتها المالية والسياسية و تأثيرها الديني والمذهبي وموقعها الجغرافي ، ومن جهة ثالثة يقدم إنخراطها بالتسويات المنشودة وتوظيف قدرتها على التعطيل كورقة تفاوضية مكانة أقوى لواشنطن والرياض معا ، في ملفي الأزمة السورية والتسوية مع إيران بمترباتها على الخليج .
من زاوية ثالثة كيري يمثل مناخا في الإدارة الأميركية عمره على الأقل منذ أحداث 11ايلول 2001 ، وهو تيار ينمو بقوة كلما شعرت واشنطن أنها ستصبح تدير مصالحها الاسيوية عن بعد ، ومحوره القلق من جمع الرياض بين الولاء لعلاقة متينة معها و تبني ثقافة دينية متطرفة بصورة رسمية ، شكلت وتشكل الينبوع المستمر لتغذية متفرعات تنظيم القاعدة ، ويصل هذا الرأي إلى القول ان تجفيف منابع الإرهاب يتوقف على مواجهة الديانة الوهابية ، التي تعتبر نفسها مذهبا إسلاميا بينما لم يعترف بها الأزهر كمذهب رغم إعترافه بالشيعة رسميا كأحد المذاهب الإسلامية ، و سيستكشف كيري في ضوء السعي لرسم إستراتيجية ما بعد الخروج من أفغانستان ، آخر معاقل الوجود العسكري الأميركي في آسيا ، مدى إمكانية توقع تموضع سعودي على خط فكري ليبرالي وتخلص تدريجي من مخلفات الوهابية اولتطرف .
كيري من زاوية ثالثة معني بنقل القلق الأميركي من ضعف منظومة القيادة لدى السعودية / وتوزع مراكز النفوذ بين جيل الأبناء / و غياب مركز قوي ووازن يقود هذه التوازناات ويوزع بينها الأدوار في ظل حالة من الإحتضار الصحي يعيشها من تبقى من جيل الاباء / و سيسعى كيري لإستكشاف أوزان وحظوظ المتنافسين على الوراثة / من ابناء فيصل وعبدالله وسلطان وفهد ونايف / سواء في المؤهلات الشخصية للقيادة أو بمضمون المواقف من القضايا التي تهم واشنطن أو بدرجة الحظوظ التي تملكها لجهة المقبولية والقوة .
زيارة كيري لن تكون الأخيرة/ لمعالجة هذه الأبعاد الثلاثة من الواقع السعودي / و يتوقع أن تعقبها دعوات لجيل الأبناء المتنافسين لجولة فحوصات أمنية وسياسية و تحقق من المهارات القيادية / في مقر وكالة اإستخبارات الأميركية سي آي آي في لانغلي قريبا من واشنطن / حيث يقال أن الفحوصات التي أجريت لهؤلاء المتنافسين من قبل جعلت حظوظ وير الداخلية محمد بن نايف الأعلي بين أولاد عمومته .
السعودية رجل مريض و زمن التغيير داهم
2013-10-31 | عدد القراءات 4589