تجمع المعاومات الديبلوماسية المتقاطعة على مائدة غداء جمعت سفراء عدد من الدول العربية والدول الأوروبية في باريس على أن التفاهم الأميركي الإيراني جرى إنضاجه بين الجانبين في مفاوضات سرية بدأت قبل ثمانية شهور مع زيارة السلطان العماني قابوس لطهران وزيارة جيفري فيلتمان الذي يشغل منصب معاون الأمين العام للأمم المتحدة ويدير مصالح الحكومة الأميركية تحت القبعة الأممية حيث لا تملك واشنطن حرية التحرك .
و ما دار على المائدة نفسها يفيد أن هذه المفاوضات التي شارك فيها مسؤولون امنيون وقانونيون وديبلوماسيون توجها لقاء ضم المشرف على الملف النووي الإيراني وزير الخارجية السابق علي اكبر صالحي ومعاون وزير الخارجية الأميركي وليم بيرنز قد عرفت التقدم والتراجع خصوصا مع تصاعد الحديث الأميركي عن الحرب على سوريا حيث امر السيد علي الخامنئي الوفود الإيرانية بالتوقف عن المشاركة في المفاوضات التي إستأنفت مشاركتها مجددا بعد التفاهم الكيميائي حول سوريا غداة إنعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة وكان يفترض أن تنتهي المفاوضات بالتحضير لقمة الرئيسين الإيراني و الأميركي التي لم تعقد بسبب عدم التقيد الأميركي بالشروط المتفق عليها لعقد القمة ولولا الإستدراك الذي قام به المفاوضون من الطرفين لما جرى إنقاذ الموقف بالإتصال الهاتفي بين الرئيسين باراك اوباما وحسن روحاني الذي شكل الإختراق الأبرز في الجمود الذي يحكم علاقة الحكومتين منذ ثلاثة عقود .
مما تداوله الديبلوماسيون أن التفاوض لم يكن نوويا خالصا وأن الشق النووي فيه كان الأسهل خلافا للشائع وان لقاء الخمسة زائد واحد لم يشهد تنفيذ الإتفاقات التي جرى التفاهم عليها كخطوات بناء ثقة بعد بروز حجم المعارضة السعودية والفرنسية والإسرائيلية بسبب عدم نجاح واشنطن في جلب إيران لموقف يتضمن إستعدادا للتعاون في صيغة جديدة للنظام في سوريا من جهة وللعلاقة الإيرانية بحزب الله من جهة اخرى وكان التوافق الأميركي الإيراني على تنفيذ بنود بناء الثقة دون إعلان يثير الإستفزازات .
في الجلسة الأخيرة حسمت واشنطن أمرها فقد قامت إيران بفتح منشآتها امام التفتيش وجاءت تقارير المفتشين لصالح خلو الملف النووي الإيراني من اي مخالفة فتيسرت مهمة تذليل الإعتراض الفرنسي وبقي الإعتراضان السعودي والإسرائيلي .
الديبلوماسيون المطلعون يقولون أن الملفين السوري والإسرائيلي بقيا موضوع خلاف وربط نزاع بإنتظار المتغيرات و قد سلم الفريقان بكونهما يقفان على ضفتين متقابلتين من القضية الفلسطينية ومفهوم الأمن الإسرائيلي وبنسبة معينة تجاه المسألة السورية لكن الفريقين توافقا على مواصلة البحث في هاتين القضيتين بشراكة روسيا حيث تراهن إيران على عزل قضية مطالبتها من الأميركيين بتخفيض سقف موقفها من إسرائيل وخفض دعمها لقوى المقاومة عن التفاوض حول قضية جعل نزع السلاح النووي الإسرائيلي التي تتبناها روسيا كأولوية بينما لم يعد سهلا على واشنطن معارضة هذا التوجه بعد تسوية الملفين الكيميائي السوري والنووي الإيراني .
التفاهم جرى كما تقول المصادر حول تسريع وتدعيم الحل السياسي لأزمتي البحرين واليمن حيث توافق الفريقان على إقناع حلفائهما بتهدئة المواجهات تمهيدا لحل سياسي إنتخابي تراهن إيران على توفيره الفرصة لصعود حلفائها في البلدين إلى مركز صناعة القرار وتنتظر كشف حقيقة الموقف السعودي الذي إذا تجاوب مع التفاهمات فتح باب تسويات كبرى وإذا مارس العناد فتح الباب للمواجهات الكبرى التي لن تكون اميركا قادرة على منحها التغطية طالما عنوان الحل المرفوض سعوديا هو الإنتخابات
مرحلة جديدة وخريطة جديدة يفتتحها التفاهم الإيراني الأميركي وربما يكون عند عمان المزيد من الدور وليس فقط المزيد من الأسرار
2013-11-26 | عدد القراءات 19357