لم يكد الإتفاق الإيراني الأميركي الغربي يعلن ولو تحت صفة إتفاق أولي تحت المراقبة لمدة ستة شهور لتوقيع الإتفاق النهائي خلال تسعة شهور حتى بدأ الأتراك يتصرفون على قاعدة ان مرحلة جديدة قد بدأت .
الإيرانيون لم يقطعوا شعرة معاوية مع الأتراك في ذروة تورطهم في الحرب على سوريا رغم المواقف النارية التي صدرت عن قادة الحزب الأخواني الحاكم وصولا للتلويح بالتدخل العسكري المباشر في سوريا علما أن إيران لم تختبئ يوميا في ظلال اصابعها لجهة التأكيد على وقوفها بالمطلق مع نظام الرئيس بشار الأسد بالتخصيص وليس فقط بالعموم مع سوريا موحدة وقوية و مقاومة بينما فعلت إيران العكس مع السعودية وقررت القطيعة لأن إيران تعتبر أن السعودية هي القوة الساسية الدافعة لتدمير سوريا .
الإيرانيون لم يقطعوا أيضا مع الأخوان المسلمين رغم تنحيتهم عن الحكم في مصر وتحملوا أوزار هذه العلاقة ترديا في علاقتهم بالحكم الجديد وشرائح واسعة من الشعب المصري ورهان الإيرانيين على أمرين أولهما قناعتهم بأن المفاضلة بين الأخوان والقاعدة تشبه المفاضلة بين الأتراك والسعوديين وهم يختارون الرهان على تغيير موقف الأخوان عبر الأتراك وما يعنيهم بالتغيير الأخواني هو الأتراك اساسا حيث الحزب الحاكم هو أول وآخر حزب أخواني حاكم ويرون أن حصر المواجهة مع السعودية تستدعي حليفا يمنع تحول المواجهة إلى صراع مذهبي وذي مصلحة بها وهنا يحضر الأتراك والأخوان كما أنهم حذرون في الموقف من الحكم المصري الجديد و يشغل بالهم التبني السعودي وما يحمله من ابعاد أما الأمر الثاني فهو إهتمام الإيرانيين بفلسطين وموقع حركة حماس ورهانهم على إستعادتها خصوصا في ضوء المسار التفاوضي للسلطة الفلسطينية و الدعم الذي تقدمه السعودية لهذا المسار .
لكن الإيرانيين الذين يعرفون إعتراض سوريا الشديد على سياستهم نحو الأتراك والأخوان وحماس ضمنا يعرفون أن موقف سوريا نابع من التمييرز بين حليف طعن في الضهر في لحظة حساسة وصعبة وبين من كان أصلا يجاهر بالعداء ولا يمكن إحتسابه صديقا والعتب عليه وهذا هو التمييز السوري بين ثلاثي حماس وتركيا وقطر من جهة والسعودية بالمقابل و التي تشارك سوريا الإيرانيين بتشخيص دورها المحوري في الحرب عليها ولا ترى فرصا للتصالح معها .
الإيرانيون في قلب هذا التشابك يضعون شرطا صارما لعودة العلاقات الطبيعية مع الأتراك وحماس رغم بقاء شعرة معاوية والحوار والتواصل وهو العبور من بوابة دمشق ويطلبون ممن تنضج لديه الجهوزية للنقلة الحاسمة أن يضع بين ايديهم ما يسمح بتقديمه للقيادة السورية كمدخل لتصحيح وترميم الصورة التي رسمت خلال المرحلة الماضية وليس لدى إيران أي إستعداد لتجاوز هذا الشرط .
الأتراك كشفوا رهانهم على سقوط سوريا أمام إيران مرارا والإيرنيون كشفوا ثقتهم بقوة سوريا أمام الأتراك وكانت المعادلة بينهما يضحك كثيرا من يضحك أخيرا لكن المنتصر سيحفظ دورا للمهزوم وهذا ما تسعى تركيا لتحصيله اليوم عبر البوابة الإيرانية ولذلك حط داوود أوغلو في طهران لإطلاق حوار تفصيلي حول المشهد الإقليمي المقبل وفي المقدمة مستقبل سوريا .
خلافا لما تروجه الفضائيات الممولة من السعودية تركيا هي من إرتضى التعاون لوساطة سياسية بين الحكم والمعارضة في سوريا ليس فيها مطلب تنحي الرئيس الأسد ولا عدم ترشحة بل تقوم على الإنخراط تحت لوائه في حكومة إئتلافية وليست إيرن هي التي جاءت إلى الطرح التركي .
أوغلو في طهران يسلم بالمتغيرات وببقاء الأسد ويوجه الدعوة للرئيس الإيراني حسن روحاني لزيارة وصفت بالتاريخية إلى تركيا حيث تقول المعلومات أن إستقباله في أنقره سيشبه إستقبال السلطان محمد الفاتح إلى القسطينينة لأن خشبة الخلاص التركية إيرانية ومدى الزعامة الإيراني يبدو تركيا ايضا .
2013-11-28 | عدد القراءات 7046