كل المؤشرات التي تحملها أحداث طرابلس تقول أن لبنان يسير بسرعة بعيون مفتوحة نحو الحرب الأهلية و أن هناك طرف لبناني وازن وقادر على تقديم الغطاء للتورط في هذه الحرب قد قرر الضرب بعرض الحائط بدروس وتجارب اللبنانيين و مراراتهم وعذاباتهم التي اوصلتهم لجعل السلم الاهلي مقدسا يتقدم على عقائدهم وقناعاتهم وأحلامهم وطموحاتهم في كل المجالات و بالتالي ها هو يسوقهم إلى الحرب مجددا .
تيار المستقبل قرر أن يلبي الرغبة السعودية بتفجير حرب اهلية في لبنان من ضمن التفاهم السعودي الإسرائيلي الذي كشف سره الوليد بن طلال بالحديث عن فرح سعودي بشن إسرائيل حربا على إيران في إطار مستلزمات قواعد الحرب النفسية التي تستدعي التمهيد لكشف التحالفات المحرجة امام الرأي العام بصناعة وحدة المشاعر وهو يعلم و أسياده يعلمون ان لا حرب إسرائيلية على إيران بل ما يقصده الوليد ضمنا هو القول أن الأسباب المتصلة بالتفاهم الروسي الأميركي والخطوط الحمراء التي يرسمها حول السلوك السعودي الإسرائيلي في كل من إيران و سوريا وتضع لهذا السلوك سقفا هو تخديم المفاوضات الأميركية معهما وحولها ليست موجودة حول لبنان بل إن التشجيع الأميركي على إستهداف حزب الله في لبنان وجره إلى الحرب الأهلية قد تبلغه السعوديون والإسرائيليون معا كطريق لتحسين التفاوض الأميركي مع سوريا وإيران وهو بنفس الوقت يحقق تعويضا عن خسائر إسرائيل والسعودية في حصيلة التفاهمات حول سوريا وإيران و إعادة إنتاج للتوازن الذي إختل ويتعرض للمزيد من الإختلال .
توجيه ضربة لحزب الله من قبل إسرائيل لا تبدو ممكنة واقعيا كفرضية وفقا للمعادلات التي إنتهت إليها حرب تموز والتغييرات التي لحقت بالفريقين جعلت التفكير بالحرب مستحيلا لكن تغييرا في المعادلة الداخلية اللبنانية وشراكة السعودية وتيار المستقبل ستكون موضع مراقبة ومتابعة من إسرائيل للتحقق من تغيير جدي يجعل خيار الحرب ممكنا .
التفاهم السعودي الإسرائيلي شبيه بتفاهمهما عشية الإجتياح الإسرائيلي عام 82 قبيل الإنتخابات الرئاسية اللبنانية وفي قلب إنشغال سوريا بأزمة الأخوان المسلمين .
في طرابلس خرجت الأمور عن طابع الأحداث العفوية وصارت مخططا مبرمجا وتصريحات قادة تيار المستقبل وسلوك ميليشياته وعلى رأسها الدور الذي يلعبه كل من اشرف ريفي وعميد حمود يؤكد أن لبنان عشية حرب اهلية .
نائب المستقبل خالد زهرمان كان على شاشة او تي في وقال إنه في حال نشوب حرب إيرانية إسرائيلية لن يشعر بأن عدوانا إسرائيليا على بلد مسلم يحدث بل إن عدوين يتقاتلان وهذه توصيفات القوات اللبنانية عشية إحتياح عام 82 للإعتداءات الإسرائيلية على لبنان تحت ذريعة ضرب المواقع الفلسطينية آنذاك وكما كانت القوات تبرر لإسرائيل هكذا وهي تتحالف وتتستعد معها للإجتياح يعيد تيار المستقبل الكرة و اليوم يبدو تيار المستقبل متوهما إمكانية تعويض سيده السعودي عن الخسارة الكبرى في المنطقة بنيل لبنان جائزة ترضية
لا تزال القضية هي أن حالة لبنان مستقرة منذ مدة رغم الإستفزازات الدائمة على معادلة أن من يقدر على الحرب لا يريدها ومن يريدها لا يقدر عليها
2013-12-02 | عدد القراءات 2920