وداع العظماء الخالدين - مقدمة نشرة أخبار توب نيوز - 10-12-2013- ناصر قنديل

ليس مهما  الحشد الذي تجمع في الستاد الذي شهد اللحظات الأخيرة لوداع جثمان القائد الأممي الراحل نيلسون مانديلا في قياس المكانة التاريخية ليوم الوداع الكبير فليس هناك إنسان على وجه البسيطة إلا وكان حاضرا بوجدانه في هذا اليوم للمشاركة ولو بلحظة تأمل أو بدمعة أو بصفاء ذهن وشعور بالأسى أمام رحيل هذه القامة التاريخية

في كل أنحاء الدنيا وعلى مساحة دول العالم وبلكل لغاتها وأعراقها نادرا ما إجتمع على الشعور بالخسارة أمام غياب شخصية كما إجتمع على الشعور لحظة وداع مانديلا

إجتماع التشيع الذي لم تتسع له الشوارع والمدن وسعته البيوت أمام شاشات التلفزة وفي البلدان التي أقيمت فيها النصب التذكارية لمانديلا كانت الزهور التعبير الأقرب للشعوب عن مشاركتها في لحظة الوداع .

لم يكن مانديلا قائدا حقق إنتصاررات في حروب كالتي يمكن أن يتباهى بها قادة الجيوش بعد حروب عالمية يقضي فيها ملايين البشر ولا كان المخترع الذي إكتشف علاجا دوائيا لمرض خطير ولا كان صاحب المال الوفير الذي يتعب صاحبه من تعداد ممتلكاته ومقتنياته ولا كان وريث سلالة كانت لها الأمجاد ولا  هو صانع سلام بين الأمم و الدول بعد حروب ضارية وخسائر لا تعد ولا تحصى

ليس مانديلا إن أردنا وضع رصيده في الميزان لقاء مكانة العظمة التي إحتلها في القلوب إلا ذلك النموذج الإنساني الذي يعبر عن تطلع الإنسان العادي البسيط من بين المليارات الستة للبشرية وليس من خاصتها الذين قد لا يبلغون الآلاف على مساحة الآلاف .

إنه الدواء لمرض التعصب ومرض العنصرية ومرض الشعور بالضعف والعجز ومرض التسليم بالأمر الواقع الذي تفرضه القوة المهيمنة ماليا وسياسيا وعسكريا إنه الدواء لمرض الملل وقصر النفس والتعب والخوف والهروب من المواجهة .

إنه الإنتصار الذي تستطيع تحقيقه النفس البشرية على ذاتها بوجه غريزة البقاء والتمسك بالحق مهما كانت الأثمان باهظة على قدرة الجسد على التحمل وقدرة العقل على التصور .

إنه الحرب على التعلق بالحياة الفردية بدلا من مكافأتها بالمال والجاه والمناصب تلك الحرب التي يجب أن تشن بلا هوادة حتى تدجن نفس الإنسان وتطوع تقدر على حمل همم تنوء بأحمالها جبال

إنه السلم الداخلي الذي يبحث عنه كل إنسان في داخله ويسعى لنيله منذ الأزل

مانديلا هو ذلك الذي شعر الفقراء والبسطاء والضعفاء أنه واحد منهم ومثلهم و لكنهم يستطيعون أن يكونوا مثله و منه وبه يكبرون

رحل مانديلا وبقي النموذج المثال حاضرا في الوجدان يبكونه لأنهم يرغبون ان يكونونه و يخافون أن يكونونه و يشعرون بعظمة ان يكونوا  منه وبه يكبرون

وداعا أيعا الخالد والعظيم 

2013-12-10 | عدد القراءات 2824