مع الحديث عن تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان تفيد المعلومات أن التعثر الذي اصاب تشكيل حكومة الأمر الواقع التي كان الرئيسان ميشال سليمان وتمام سلام قد عزما على تشكيلها لم يترتب عليه السير بتشكيل حكومة سياسية جامعة كما يحب الرئيس ميشال سليمان تسميتها تحفظا على تسمية فضفاضة لحكومة لا تحقق مضمون إسمها الشائع وهو حكومة الوحدة الوطنية فهم يعلمون أنهم ليسوا ذاهبين لحكومة الوحدة التي تقوم على مبدأ إستحالة التفرد بقراراتها ولا التحكم بإستعمالها ولا الخداع في تفاهماتها لأن الفريقين الرئيسيين في البلد مسلحان بالثلث المعطل الذي يرتب تعطيل عمل الحكومة وإستقالتها عند الضرورة .
إذن تسمية حكومة سياسية جامعة تشي ضمنا بالتنصل من مبدأ منح الثلث المعطل للثامن من آذار بإعتبار أن الرابع عشر من آذار تملك أكثر منه بوجود رئيس الحكومة من بين صفوفها ومعلوم أن إستقالة الحكومة تبدأ بحالة دستورية محددة هي إستقالة رئيسها فيصير الثلث المعطل للرابع عشر من آذار ترفا وكماليات لا حاجة لها بوجود رئيس الحكومة الأهم دورا وتأثيرا من ثلث معطل فهو من يدير اعمال الحكومة ويضع جدول أعمالها ويدعوها للإجتماعات ويمثلها ويوقع حكما على كل مراسيمها .
إذن الرئيسان سليمان وسلام يقولان للثامن من آذار لن نذهب لحكومة أمر واقع لكننا لن نمنحكم الثلث المعطل وسوف نكون الحكومة من خليط سياسي داخل وزراء كل طائفة يمنع اي قوة سياسية في أي طائفة من إعتبار إستقالة وزراء طائفتها رفعا لغطاء العيش المشترك عن الحكومة كما حدث مع إستقالة الوزراء الشيعة من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وتسميتها بالبتراء .
الطبيعي ان المقصود هنا هو الوزراء الشيعة بإعتبار ان النواب الشيعة موزعون على حركة أمل وحزب الله و يتطلع التحالف الشيعي لحصر التمثيل الوزاري به وهو يمثل أكثر من تسعين بالمئة من طائفته شعبا ونواب وهي حالة غير موجودة في طائفة أخرى ولو وجدت فلا حاجة لمناقشتها ففي الحالة المسيحية سيكون التمثيل السياسي موزعا بين ثلاثة فرقاء هم الثامن والرابع عشر من آذار ورئيس الجمهورية ولن يكون ممكنا إستقالة جماعية لأي من وزراء طائفة من الطوائف المسيحة وفي الحالة السنية يكفي ان يتسقيل رئيس الحكومة ليكون التعطيل من جانب تيار المستقبل فلا مانع من تمثيل السنة من خارجه طالما سيرتب ذلك تمثيلا شيعيا من خارج أمل وحزب الله .
إذن حكومة مثالثة بين الفريقين المتصارعين وفريق الوسط لا وزير ملك فيها يحقق الثلث المعطل ولا حصرية تمثيل طائفي ترفع غطاء العيش المشترك عنها بإستقالة الوزراء الشيعة فالإستعصاء يصير في الولادة تحصيل حاصل .
يعرض الرئيسان سليمان وسلام في الكواليس عرضا يقول أنه يمكن النقاش بالعودة لثلث معطل أو حصرية التمثيل الشيعي للحزب والحركة إذا تبلغ سليمان وسلام موافقة امل وحزب الله على التخلي عن وزارة الخارجية والحصول على أي حقيبة بدلا منها بما في ذلك وزارة المالية أوالإحتفاظ بها شرط تسمية غير الوزير عدنان منصور وتضيف الرواية أن هذا شرط سعودي لا تراجع عنه عنوانه لا نريد أن نرى هذا الرجل ولا أن نسمع بإسمه بعد الآن .
حكومة بلا عدنان منصور يعني حكومة عقاب سعودية لموقف لبنان من سوريا وإيران والمقاومة فهل يرتضي فريقا المقاومة المساومة على رأس منصور لتمرير الحكومة وتسجيل سابقة تقدم نموذجا خطيرا بمعاقبة من يتمسك بالمبادئ وتقدم نصرا معنويا لا يقدر بثمن للخصوم ؟ والتنازل عن الخارجية هو تنازل عن الموقع الذي صنع للبنان في الخارج بمواقف وثبات منصور وديناميكيته لحساب مواقف وديناميكية معاكسة والحفاظ على الخارجية بغير منصور هو إثبات مسبق لمن يتولاها بأن عليه ألا يكرر تجربة السلف كي لا يناله الأسف .
2014-01-08 | عدد القراءات 4425