السياق الذي ولد فيه جنيف الثاني لم يكن مجرد نجاح للمساعي التي بدأت معه لعقد مؤتمر يشارك فيه السوريون حكما ومعارضة بل كان المؤتمر حاصل عام ونصف من المتغيرات و الرهانات والفرضيات حتى نضج الخيار لمؤتمر تجلس فيه المعارضة والحكومة على طاولة حوار واحدة .
منذ جنيف الأول ومهمة كوفي أنان التي جاء يواكبها والمعارضة ترفض الحوار وتضع شرطا مسبقا إسمه تنحي الرئيس السوري بشار الأسد وتثق بقدرتها على شق الجيش والسيطرة على العاصميتن السياسية والإقتصادية لسوريا دمشق وحلب وتعتبر التنحي المطلوب من الرئيس حلا سياسيا يجنبه العواقب الأقسى فيما لو تم التنحي بقوة النصر العسكري للمعارضة وهنا يذكر الجميع الكلام القطري عن تفادي مصير القذافي بالنسبة للرئيس الأسد .
كان الكلام الأميركي عن التسليح علنيا وليس عن الحل السياسي ففي مؤتمر روما في نيسان العام الماضي خصص البحث لحاجات المعارضة لبناء جيشها وقدمت لها الأسلحة الحديثة المضادة للدروع والطائرات وقدمت لها اجهزة إتصال حديثة و وضعت بتصرفها كل نتاج عمل المخابرات الغربية في رصد حركة القوات النظامية للجيش السوري و فتحت لها معسكرات التدريب وقدم لها التمويل وفتحت الحدود للمجموعات الاتية من كل انحاء العالم خصوصا المنتمية لتنيظم القاعدة الذي عقدت معه الصفقات عالميا في غوانتامو وفي كل بلد على حدة من السعودية إلى اليمن وليبيا وتونس .
بعد معركة القصير قال كيري أن إعادة التوازن العسكري شرط للتفاوض والحوار وعقد جنيف الثاني وبعد الفشل بالتوازن العسكري جردت اميركا أساطيلها وأعلنت دخول الحرب بجيشها على سوريا .
فشل الحل العسكري وصمدت سوريا و تراكمت إنجازات جيشها منذ ما بعد القصير في حمص وحلب وحماة وريف دمشق والقلمون فيئس الأميركي والآخرون وخافوا من الإنهيارات وصار الإرهاب خطرا على الجوار وسيطرت القاعدة على الجيش الحر بمفرداتها الثلاثة داعش والنصرة والجبهة الإسلاميبة .
يأتون إلى جنيف بعدما فرغت ايديهم من اي بديل يعيد التوازن و بعدما تهيئوا للحرب وحسبوها وتراجعوا وإرتضوا الحل الكيميائي لحفظ ماء الوجه ويريدون ان يكون جنيف الأول الذي قام على مقايضة خيار الحرب والحل العسكري والخراب الآتي معهما ببديل سياسي كان ممكن النقاش لو لم يقع الخراب وتختبر الحروب أما وقد حصل ما حصل فلجنيف الثاني قدر إما الفشل أو القبول بالإقرار بالحقائق وفي مقدمتها التسليم ان الأمور تغيرت وأن الحل السياسي بديل لهزيمة كاملة لضفة المعارضة ومن وراءها ونصر كامل للدولة السورية وحلفائها يعني عكس ما كانوا يأملون عشية جنيف الأول .
2014-01-22 | عدد القراءات 4140