بدأت الجولة التفاوضية الأولى في جنيف وجلس الوفدان في قاعة واحدة وطاولتين وقدم الوفد السوري الحكومي مطالعة لفهمه لبيان جنيف الأول اسقطت بيد خصومه المحليين والإقليميين والدوليين ، حيث ميز الوفد بين مبادئ جنيف المتفق عليها لجهة أولوية الحل السياسي المبني على الحوار بين السوريين بدون تدخل خارجي ، و تفادي الرهان على الحل العسكري وما يسببه من خراب ودماء وإستجلاب للإرهاب ، مستعيدا سجل مبادراته الحوارية وتجاوبه مع مبادرات وقف العنف ، مقابل عناد وتعنت وأوهام الفريق الآخر بالقدرة على الحسم العسكري ووضعه شروطا تعجيزية للحوار والحل السياسي خصوصا ما يتصل منها بمستقبل الرئاسة ، الذي سجل الوفد موقفه النهائي أنه امر مبدئي دستوري وسيادي غير مطروح للتفاوض ، فالمناصب والمؤسسات تستلم وتستولد وفقا للاليات الدستورية الراهنة او التي يتم الإتفاق عليها ، وليس بالطرق الإنقلابية ولا بالتهديد ولا بالإبتزاز ، أما فيما يخص النقاط الغامضة في بيان جنيف ، فقدم الوفد السوري للإبراهيمي سجل التفسيرات المتناقضة والمتابينة لكل من الطرفين الروسي والأميركي ، لتفاهم هو اصلا تفاهم روسي أميركي ، والغموض المقصود هو تفسير وتحديد مصدر عبارة هيئة الحكم الإنتقالي الواردة في البيان والتي يتمسك الاخرون بالتفسير الأميركي لها ويريدون فرضه تفسيرا وحيدا ، بينما يحق لسوريا التمسك بالتفسير الروسي ، طالما ليس هناك فهم واحد لصناع النص في مقاصده ومرامية ، ووفقا للتفسير الروسي الصيغة الواردة هي تسوية ترتبت على عدم الإتفاق بين المقترحات الفرنسية والأميركية والروسية ، فالنص الروسي كان يدعو لحكومة إئتلافية تحت سلطة الرئيس بشار الأسد ووفقا لصلاحياته وتحت سقف الدستور الحالي ، لحين الإتفاق على دستور جديد يطرح للإستفتاء وتقوم على اساسه الإنتخابات ، مقابل صرف النظر عن أوهام التسليح والعسكرة وإستجلاب المقاتلين وفتح الحدود للإرهاب وحشد الجيوش ، وما ينتج عن ذلك من دماء وخراب ودمار وتجذر للإرهاب ، ورغم ان الأميركي وكل حلفائه لم يوفروا وسيلة للحرب والعسكرة إلاو لجأوا إليها ، وهم يعودون إلى جنيف بعد فشلهم العسكري وليس لترجمة رغبة بيان جنيف بتفادي الحلول والأوهام العسكرية ، ورغم ذلك تبقى سوريا متمسكة بفرصة جنيف وفقا لهذا المفهوم ، بينما كان النص الأميركي وأكثر منه النص الفرنسي ينطلقان من فهم لتسليم سلطة لهيئة يفوضها او يسلمها الرئيس السلطة ، وبسبب الخلاف يومها حذف النص الواضح وصرف النظر عن إيراد صيغة محددة ، وترك الأمر بإعتباره شأنا يقرره السوريون في حوارهم دون تدخل خارجي ، والوفد يرتضي روح هذا التفسير ، وفي حصيلة الجولة سلم الإبراهيمي بصدقية و دقة ما عرضه الوفد خصوصا لما تساءل هل المطلوب إطار حكم وفقا للدستور الحالي ؟ ولا وجود لغير حكومة تحت سلطات الرئيس في الدستور ، أم صيغة دتسورية جديدة تولد من الحوار أولا وتعرض على الإستفتاء تاليا ويتم إعادة تشكيل المؤسسات على اساسها إستنادا لصناديق الإقتراع ؟ وجدد الوفد إستعداده لقبول اي من الصيغتين .
بالمقابل وقع الإئتلاف بالصبيانية عندما بقي يردد ببغائيا فهما أحاديا مضمونه ان التفسير الأميركي لجنيف 1 هو الأدق وكان الإئتلاف يعبر عن حقيقة ما جرى في الغرف المغلقة أكثر من الروسي الذي كان شريكا كاكلا وأعاد الكلام عن هيئة الحكم الإنتقالي كعنوان وحيد للحوار مما إضطر الإبراهيمي للتدخل متسائلا عما إذا كان بمستطاع الروس والأميركيين تقديم تفسير موحد لنص جنيف 1 خصوصا في هذه النقطة وإلا فسيتم السير بما قاله الوفد السوري الحكومي بترك التفسير لما يقبله الوفدان المتفاوضان .
إنتهت جولة أولى مباشرة وهي ثالث جولات المواجهة بعد الافتتاح والتفاوض مع الإبراهيمي وفي الجولات الثلاث يراكم الوفد السوري الرسمي تسجيل النقاط .
2014-01-25 | عدد القراءات 4861