الوجود المسيحي في الشرق مهدد وجوديا وفقا لكلام بابا الفاتيكان وكل الكنائس الشرقية من مصر وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين ، والتهديد الرئيسي مصدره التطرف الصولي الذي يتخذ شكل موجة تجتاح البلاد العربية تحت عنوان التكفير بجناحيه الأخواني والوهابي ، وفي الحالتين الإسلام الخليجي الاتي برعاية نفطية من دول ومشيخات وإمارات وممالك لا ماكن فيها للدولة المدنية ولا للديمقراطية ولا للدساتير ولا للحريات .
تاريخيا كان ثمة وهم الظن أن الوجود المسيحي في الشرق يحظى بالحماية الغربية من منطلق ديني مسيحي ، رغم أن الحملات التي شنت لغزو البلاد العربية قبل ألف عام تحت عنوان الحروب الصليبية إنتهت بدمار أصاب الكنائس والمواطنين المسيحيين بمثل ما أصابت المسلمبن.
الموقف الحقيقي للغرب والمستقبل الجدي للدور المسيحي يبقى يتقرر في لبنان حيث النسبة التي يمثلونها بين السكان تبقى الأعلى قياسا بسائر البلدان العربية ، وحيث التوزيع الطائفي للمناصب الدستورية يمنحهم مركز رئاسة الجمهورية ونصف النواب ونصف الوزراء ونصف وظائف الفئة ألأولى ، ومن بينها قائد الجيش وحاكم المصرف المركزي .
يتطلع المسيحيون في الشرق ، ويتطلع الغرب نحو لبنان ودور المسيحيين فيه ، لتظهر حقيقة المواقف والنظرة المستقبلية ، بحيث يصبح مشروع إستيلاد الحكومة اللبنانية الحالية بعدما وصلت عقدتها إلى النقطة المسيحية الحرجة ، تعبيرا عن هذه النظرة وتأشيرا لهذا المستقبل .
الحكومة تقف عن عقدة المداورة الشاملة التي يطالب بها الرئيس المكلف تمام سلام ويوافق عليها اطراف الثامن والرابع عشر من آذار ، و ليس خافيا ان المحور الحاسم في هذا الشأن يصل لتحديد حجم التيار الوطني الحر وزعيمه ميشال عون في الحكومة ، كما في الإستحقاق الرئاسي المقبل .
وفقا لمبدأ المداورة الشاملة يجب أن تنتقل وزارتا الطاقة والإتصالات إلى غير الطائفتين المارونية و الكاثوليكية إذا كانت المداورة مذهبية ، ولا مشكلة ببقائهما عند المسيحيين وفي هذه الحالة يمكن لمداورتهما داخل التيار الوطني الحر أن تحقق المرجو ، وإذا كانت المداورة طائفية فيجب إنتقالهما للمسلمين فلا مشكلة بتوليهما من فريق الثامن من آذار ، و إذا كانت طائفية وسياسية في آن واحد فيجب أن ينال التكتل المسيحي الأكبر في مجلس النواب ما يعادل وزنه بنوع الحقائب و عددها ، وفي هذه الحالة لا يعوض الوزارتين إلا حقيبة سيادية من حقيبتين ينالهما المسيحيون ، تذهب واحدة لرئيس الجمهورية هي الداخلية على الأرجح ، فتبقى الدفاع أو الخارجية يجب أن يحظى بها التكتل ، والمشكلة هنا هي أن ثمة حقيبة سيادية حكما للشيعة يرجح انها المالية يستحيل خروجها من يد الكتلتين الشيعيتين الوحيدتين في المجلس النيابي، فيصير للثامن من آذار حقيبتين سيادتين ، ولفريق الرابع عشر من آذار ومعه رئيس الحكومة حقيبة واحدة ، و لرئيس الجمهورية حقيبة واحدة .
الإشكالية معلقة حتى يتم تصنيف وزارتي الطاقة والإتصالات كحقيبتين سيادتين ، فيصير بقاءهما معا أو إحداهما مع التيار والتكتل تحقيقا للتوازن ، او نقلهما معا أو إحداهما لفريق الرابع عشر من آذار ، تحقيقا لتوازن مواز .
الأهم هو الا تكون زيارة جنبلاط للسفارة الإيرانية لطلب المساهمة في طلب العون لتذليل عقدة عون ، وجس النبض لحكومة بدونه ستصير بتراء بلا التمثيل المسيحي السياسي والنيابي ، في ظل إحجام القوات اللبنانية عن المشاركة وإبعاد التيار الوطني الحر ، فيحقق فيلتمان نظريته القائمة على معادلة أن الوجود المسيحي في الشرق ليس ثقلا نوعيا بل إضافة عددية ، وأن الشرق يدار بثنائية الشيعة والسنة والمسيحيون جزء من هذه الثنائية ، يختارون حيث يطمئنون وينقسمون على محاورها .
إستحقاق رئاسي لإنتخاب رئيس مسيحي بلا المسيحيين ، هذه هي نظرية فيلتمان .
2014-01-28 | عدد القراءات 3211